زمان الغسل قاصرا عن زمان التيمم بيانه ان الظاهر من الأدلة تعلق تكليفات ثلثة بالنسبة إلى المجنب النهى عن كونه في المسجدين والنهى عن لبثه فيه لاندراجه في العمومات الدالة على النهى عن لبث الجنب في المسجد مطلقا والنهى عن اجتيازه في المسجدين ففي الصورة المذكورة اختيار الغسل يوجب قلة التخصيص فيما دل على الأول و الثالث دون الثاني وفى اختيار التيمم ينعكس الامر ويعضد الأول أولوية اختيار قلة التخصيص فيما يدل على الأكثر من تكليف واحد والثاني كثرة ما دل على النهى عن اللبث وأولوية اختيار قلة التخصيص في الأقل وبالجملة للتأمل في هذا المقام نوع وجه وقد يستدل على هذا القول بحمل الخبر الدال على التيمم على الغالب من عدم امكان الغسل أو حصول التلويث به جمعا بينه وبين ما دل على اشتراط فقد الماء في صحة التيمم وظاهره تسليم كون ظاهر الخبر العموم وفيه نظر لأنه على تقديره اختيار عموم الخبر لو سلم وجود أمر دال بظاهره على اشتراط عدم الماء في صحة التيمم مطلقا سواء كان ولصلاة واجبة أم لا قلنا كون الجنب في المسجد محرم فيما عدا الكون بمقدار التيمم المخرج عن العمومات بمقتضى الخبر المذكور لعدم الدليل على خروج زمان الغسل عن العمومات حينئذ إذ لا دليل على تسويغ الكون بمقدار زمان الغسل واخراجه عن العمومات الا الاضطرار إلى كون ما فيلزم وجوب الغسل في صورة قصور زمانه عن زمان الخروج وجوازه في صورة المساواة مع تأمل فيهما أو دوران الامر بينه وبين التيمم لعدم جواز الخروج بدونهما فيلزم الغسل في صورة مساواة زمانه لزمان التيمم أو قصوره عنه وحيث أسلم عموم ما دل على وجوب التيمم لا يتجه شئ من الأمور المذكورة للغسل بل كان عموم ما دل على النهى عن الكون في المسجد بالنسبة إلى الغسل سالما عن المعارض العقلي والنقلي فلا مقتضى لجوازه حينئذ فيلزم تحقق شرط التيمم وهو عدم التمكن الشرعي من استعمال الماء حجة القول الأول النظر إلى عموم الخبر ظاهرا وجوابه يعلم مما ذكرنا الثاني اطلاق كلام المصنف يقتضى عدم الفرق بين المحتلم وغيره سواء أجنب في المسجد أو دخل فيه مجنبا وبه صرح بعض الأصحاب وعلل ذلك باشتراك الجميع في العلة وهو تحريم قطع شئ من المسجد مجنبا مع امكان الطهارة وبعدم تعقل الفرق بين المحتلم وغيره وفيه تأمل لتحريم لبث الجنب في المسجد بمقتضى الاخبار خرج عنه عنه المحتلم بمقتضى النص السابق فيبقى غيره مندرجا تحت المنع وليس ما ذكره من العلة منصوصة حتى ينسحب في غيره فيكون الحكم بالتشريك من القياس الممنوع منه وعدم ظهور الفرق لا يقتضى عدمه في الواقع نعم لو أمكن التيمم في أثناء الخروج من غير استلزامه لزيادة الكون لا يبعد وجوبه لقطع بقية الطريق وكذا لو كان زمان المكث الحاصل في التيمم أقل من زمان الخروج مع تأمل في الأخير الثالث هل يبيح هذا التيمم الصلاة وغيرها مما يشترط فيه الطهارة قيل لا لوجوب الخروج عقيبه متحريا أقرب الطرق وذكر الشارح الفاضل هيهنا تفصيلا ملخصه ان الغسل إما ان يكون ممكنا في المسجد أم لا فإن كان ممكنا وقلنا بتقديم التيمم على الغسل لم يصح الدخول به في الصلاة للاجماع على عدم إباحة الصلاة بالتيمم مع التمكن من الغسل وان لمن يمكن في المسجد فإن كان ممكنا خارج المسجد فالوجه أيضا عدم اباحته الصلاة لان وقوعها في المسجد ممتنع لوجوب المبادرة إلى الخروج وبعد الخروج متمكن من الغسل فيفسد التيمم وانما شرع التيمم في المسجد لاحتياج الخروج إلى الطهارة مع عدم امكان الغسل له وان لم يكن الغسل ممكنا خارج المسجد فالوجه ان هذا التيمم مبيح للصلاة وغيرها لعدم المانع فان التيمم مع تعذر المائية يبيحه ما تبيحه الا على قول ولد المصنف من عدم إباحة دخول المساجد مطلقا بالتيمم وسيأتي بطلانه ونمنع حينئذ وجوب المبادرة إلى الخروج وتحرى أقرب الطرق لان ذلك مشروط بامكان الغسل خارجا جمعا بين قولهم هنا وقولهم إن التيمم يبيح ما تبيحه المائية ومن جملته اللبث والصلاة انتهى ملخص كلامه وفيه نظر والصواب ان يقال لا يخلو إما ان يكون الغسل في زمان التيمم ممكنا في المسجد أم لا فإن كان ممكنا وقلنا بتقديم التيمم فلا يخلو إما ان يكون ممكنا في المسجد بعد الفراغ من التيمم أيضا أم لا فإن كان ممكنا بعد الفراغ من التيمم لم يصح به الدخول في الصلاة لا يخلو ما ان يكون ممكنا خارج المسجد أيضا أم لا وعلى التقديرين صح ما ذكرنا إما على الأول فلانه متمكن من الغسل فلا يجوز له الصلاة بالتيمم واما على الثاني فلان الكون في المسجد بمقدار الغسل صار مباحا له بسبب التيمم لتعذر الغسل لهذا الكون تعذرا مسوغا للتيمم فصار متمكنا من الغسل فلا يجوز له الصلاة بالتيمم وعلى التقدير الأول لم يجز له الكون الزائد على الخروج متحريا أقرب الطرق لعموم النهى عن كون الجنب في المسجد الا ما خرج بدليل وهو الكون بمقدار الخروج وعلى التقدير الثاني جاز له الكون بقدر زمان الغسل بسبب التيمم وان لم يكن ممكنا في المسجد بعد الفراغ من التيمم فلا يخلو إما ان يكون ممكنا بعد الفراغ من التيمم خارج المسجد أم لا وعلى الأول لم تصح الصلاة به لما ذكر و لا الكون الزائد على الخروج وعلى الثاني صحت الصلاة به ولم يجب عليه الخروج كما ذكره الشارح الفاضل وان لم يكن الغسل ممكنا فلا يخلو ما ان يكون ممكنا بعد الفراغ منه في المسجد أم لا فإن كان ممكنا لم يصح الصلاة به كما ذكر وحكم الكون ما ذكر في الشق الأول وان لم يكن بعد الفراغ منه ممكنا في المسجد فاما ان يكون ممكنا خارج المسجد أم لا وعلى الأول لم تصح الصلاة به ولا الكون الزائد وعلى الثاني صحت كما علمت فظهر من هذا التفصيل ان كلام الشارح الفاضل رحمه الله لم يصح على اطلاقه لكنه رحمه الله نظر إلى أن الغالب عدم الانفكاك بين التمكن من الغسل في ابتداء التيمم وبعد الفراغ منه الرابع هل يلحق بالجنب الحائض قيل نعم استناط إلى مرفوعة محمد بن يحيى السابقة واختاره الشهيد وانكره المحقق في المعتبر استضعافا للرواية ولان التيمم طهارة ممكنة في حق الجنب عند تعذر الماء ولا كذلك الحائض فإنها لا سبيل لها إلى الطهارة ولعل غرضه من هذا التعليل نوع تأييد ثم أثبت الاستحباب ولعله بناء على المسامحة في أدلة السنن واعترض الشهيد رحمه الله على ما ذكر من التعليل بأنه اجتهاد في مقابلة النص وبالمعارضة باعترافه بالاستحباب وعلى ما ذكرنا يندفع ذلك وفى الذكرى نقل عن ابن الجنيد انه إذا اضطر الجنب أو الحائض إلى دخول المساجد تيمما ثم قال ويبعد إرادة منقطعة الحيض في الخبر وفى كلامه وجاز ان يكون التيمم مبيحا لهذا وإن كان الحدث باقيا فإنه لا يرفع الحدث في موضع امكانه بالمائية فكيف في موضع استحالته ثم على القول بالالحاق لا يبعد الحاق النفساء كما صرح به الشارح الفاضل لكونها حائضا في المعنى دون المستحاضة الخامس هل يستحب التيمم لباقي المساجد استقرب ذلك الشهيد في الذكرى لما فيه من القرب إلى الطهارة ولا يزيد الكون فيه عن الكون في التيمم في المسجد وليس بجيد لعدم النص ووجود الفارق فان الجواز في المسجدين مشروط بالطهارة دون باقي المساجد فلا يصح ارتكاب اللبث المحرم في التيمم لأجل ما ليس فيه مشروطا به واستحباب الغسل للجواز في المساجد لا يستلزم المدعى كما لا يخفى والندب لما عداه لا يبعد القول ببدليته التيمم في كل موضع يحتاج إلى الطهارة للروايات الصحيحة الدالة على كون التراب طهورا وكونه بمنزلة الماء وكونه أحد الطهورين وما ثبت توقفه على نوع خاص منها لا على مطلق الطهارة ففيه اشكال وسيجيئ الكلام في تحقيقه في مبحث التيمم وفى بدليته للأغسال المستحبة مطلقا اشكال و حكم الشارح الفاضل بالاستصحاب على القول بكونها رافعة للحدث ولا يخفى ان ظاهر كلام المصنف هنا يقتضى عدم وجوب التيمم لمس كتابة القران ودخول المساجد عند تعذر الغسل وهو خلاف لما صرح به في غير هذا الكتاب وقد يجب الثلاثة بالنذر وشبهه كاليمين والعهد على شرائطها المذكورة في مواقعها و يشترط في انعقاد نذر كل واحد منها الرجحان على المشهور من اشتراط رجحان المنذور في انعقاد النذر ولو نذر الوضوء فهل ينصرف إلى وضوء يكون رافعا للحدث
(١١)