وقد بيناه هنا وقد طعن فيه بذلك جماعة من فضلائنا من أهل عصر وغيره واما الاستدلال بالعمومات فجوابه انها مخصوصة بالماء الطاهر جزما فان ثبت طهارة هذا الماء كان داخلا فيه والا فلا فروع الأول لو جمد الماء القليل فلاقته نجاسة فهل يحكم بنجاسته بناء على أنه لم يخرج عن حقيقته بسبب الجمود فهو ماء قليل فينجس بملاقاة النجاسة أو يكون في حكم الجامدات فيختص موضع الملاقاة بالنجاسة المنقول عن المنتهى الثاني ووجهه بان جموده يمنع من شياع النجاسة فيه فلا يتعدى موضع الملاقاة وهو حسن لان جموده أخرجه عن المائية لغة وعرفا فلا يشمله احكام الماء التابعة للتسمية وتردد في التحرير الثاني قال في المنتهى لو وقع في الماء القليل المائع الملاصق بما زاد عن الكر من الثلج نجاسته ففي نجاسته نظر فإنه يمكن ان يقال ماء متصل بالكر فلا يقبل التنجيس ويمكن ان يقال ماء قليل متصل بالجامد اتصال مماسة لا ممازجة واتحاد فأشبه المتصل بغير الماء في انفعاله عن النجاسة لقلته والتعليل الأول ضعيف لان التقوية انما يحصل بالاتصال بالكر من الماء والثلج لا يصدق عليه اسم الماء لكن في تعميم أدلة نجاسة القليل بحيث يشمل محل النزاع عسر فتدبر الثالث لو عرض الجمود للماء بعد النجاسة فتطهيره يتوقف على عودة مانعا لامتناع مداخلة الطاهر لاجزائه وفيها ما هو باق على الجمود الرابع إذا جهد الكثير التحق بالجامدات على ما اختاره الشهيد رحمه الله وغيره منهم المصنف في النهاية فينجس بملاقاة النجاسة المحل الملاقى منه ويطهر باتصال الكثير به بعد زوال العين إن كانت ولو ألقيت النجاسة وما يكتفها أو موضع الملاقاة حيث لا عين لها بقى ما عداه على الطهارة و المنقول عن المرتضى انه لو لاقت النجاسة ما زاد على الكر من الماء الجامد فالأقرب عدم التنجيس ما لم يغيره محتجا بان الجمود لا يخرجه عن حقيقته بل مؤكد لثبوتها لأنه معلول للبرودة التي هي مقتضى الطبيعة واثار الحقيقة كلما قربت كان اكد في ثبوتها وفيه ضعف ظاهر لان الجمود يخرجه عن الاسم لغة وعرفا والحكم بعدم انفعال مقدار الكر معلق به نقل المصنف بهذا ورجع عن هذا الحكم في النهاية واستشكله في التحرير الخامس لو وجد نجاسة في الكر وشك في وقوعها قبل الكرية أو بعدها فهو ظاهر لقول الصادق عليه السلام الماء طاهر حتى تعلم أنه قذر ولو شك في بلوغ الكرية فقال المصنف ومن تبعه انه نجس ولم أر تصريحا بخلافه وعلل ذلك بان المقتضى وهو ملاقاة النجاسة موجود والمانع وهو الكرية مشكوك والأصل عدمه وعندي هذا التعليل في غاية الضعف لكونه مبنيا على حجية الاستصحاب في الأمور الواقعية والقول به ضعيف جدا مع أنه يعارضه أصل الطهارة وبالجملة سبب الحكم بالنجاسة ملاقاتها مع كون الماء قليلا وهو مشكوك فيكون مقتضى الخبر السابق الطهارة فتدبر السادس لو طارت الذبابة عن النجاسة إلى الثوب أو الماء فعند الشيخ عفو وهو المنقول عن المحقق في الفتوى لعسر الاحتراز ولعدم الجزم ببقائها لجفافها في الهواء قال في الذكرى وهو يتم في الثوب دون الماء ولا يذهب عليك ان الحكم بعموم نجاسة القليل بالملاقاة انما هو بانضمام عدم القائل بالفصل وهو غير جار في محل الخلاف فالمتجه هيهنا الحكم بالطهارة الرابع ماء البئر عرفها شيخنا الشهيد في الشرح بأنه مجمع ماء نابع من الأرض لا يتعداها غالبا ولا يخرج عن مسماها عرفا وقد يقال القيد الأخير موجب لاجمال التعريف لان العرف الواقع لا يظهر أي عرف هو اعرف زمانه صلى الله عليه وآله أم عرف غيره وعلى الثاني العام أو الخاص مع أنه يشكل إرادة عرف غيره صلى الله عليه وآله وأجيب بتعين حمله على العرف العام لعدم ثبوت الحقيقة الشرعية ليس لغة فيه حد معلوم ولا لزمانهم عليهم السلام عرف ثابت فتعين حمله على العرف العام في هذا الزمان إذ الأصل موافقته لعرف زمان النبي صلى الله عليه وآله لان الأصل عدم النقل وفى العمل بهذا الأصل وثبوته مطلقا تأمل وربما خصه بعضهم بعرفه صلى الله عليه وآله أو عرف أحد الأئمة عليهم السلام فما ثبت له الاسم في زمانهم كالموجود في العراق والحجاز لحقه الحكم والا فلا ان تغير بالنجاسة نجس اجماعا ويطهر بالنزح حتى يزول التغير هذا بناء على ما اختاره المصنف من عدم نجاسة البئر بالملاقات وعدم وجوب نزح المقدر كما سيجيئ ظاهر لصحيحة محمد بن إسماعيل الآتية والأخبار الدالة على النزح محمولة على الاستحباب بناء على هذا القول وما دل على نزح الجميع في صورة التغير فسيجيئ الجواب عنه واما على القول بالانفعال ففيه أقوال ومنشأها اختلاف الروايات فبعضها يدل على الاكتفاء بزوال التغير كصحيحة محمد بن إسماعيل بن بزيع عن الرضا عليه السلام قال ماء البئر واسع لا يفسده شئ الا ان يتغير ريحه أو طعمه فينزح حتى يذهب الريح ويطيب طعمه وصحيحة أبى أسامة عن أبي عبد الله عليه السلام في الفارة والسنور والدجاجة والكلب والطير قال إذا لم يتفسخ أو يتغير طعم الماء يكفيك خمس دلاء وان تغير الماء فخذه حيت يذهب الريح وبعضها يدل على وجوب نزح الجميع كقول الصادق عليه السلام في صحيحة معوية بن عمار فان أنتن غسل الثوب وأعاد الصلاة ونزحت البئر فاختلف الأصحاب على أقوال ثمانية الأول وجوب نزح الجميع فان تعذر فالتراوح وهو المحكي عن المرتضى وسلار الثاني نزح الجميع فان تعذر فإلى ان يزول التغير واليه ذهب الشيخ رحمه الله الثالث النزح حتى يزول التغير وهو قول المفيد وجماعة منهم الشهيد في البيان الرابع نزح أكثر الامرين من استيفاء المقدر وزوال التغير وهو قول ابن زهرة واختاره الشهيد في الذكرى الخامس نزح أكثر الامرين لكان للنجاسة مقدر والا فالجميع فان تعذر فالتراوح ذهب إليه ابن إدريس واختاره الشيخ على بناء على القول بالانفعال واليه ذهب الشارح الفاضل السادس نزح الجميع فان غلب الماء اعتبر أكثر الامرين من زوال التغير والمقدر ذهب إليه الشهيد في الدروس السابع نزح ما يزيل التغير أولا ثم استيفاء المقدر بعده إن كان لتلك النجاسة مقدر والا فالجميع فان تعذر فالتراوح نقله صاحب لم عن بعض معاصريه انما نسب إلى المحقق أيضا الثامن أكثر الامرين إن كان لها مقدر والا فزوال التغير ونسب إلى بعض المتأخرين واختاره صاحب لم بناء على القول بالانفعال وهو أقرب بناء عليه لنا ان الجمع بين صحيحة محمد بن إسماعيل وأبى أسامة وبين ما دل على نزح المقدر انما يحصل بذلك فإنه إذا وجب نزح المقدر مع مجرد الملاقاة من دون التغير فوجوبه مع التغير الذي هو ملاقاة النجاسة مع وصف زائد مؤكد في الاحتياج إلى التطهير أولي فإذا حصل بإزالة التغير كما هو في غالب الأوقات فذاك والا احتجنا إلى استيفائه والخبر الدال على إزالة التغير فمحمول على الغالب من حصول الاستيفاء بعد زوال التغير بالنزح جمعا هذا إذا كان هناك تقدير والا تعين الاكتفاء بإزالة التغير عملا بمدلول الخبرين الصحيحين بقى الكلام في معارضة صحيحة معوية بن عمار فإنها تدل على وجوب نزح الجميع والتحقيق ان الجمع بينهما وبين الخبرين انما يستقيم على وجهين الأول ان تحمل الصحيحة المذكورة على صورة يحصل زوال التغير بنزح الجميع أو يقال المراد بنزح البئر النزح من البئر ويكون؟؟؟ ان غسل الثوب وإعادة الصلاة والنزح المقدر الشرعي انما يجب في صورة تغير البئر لكن هذا التأويل انما يستقيم على مذهب القائلين بعدم نجاسة البئر بالملاقاة أو يقال المراد بنزح البئر نزح أكثره ونسبة النزح إلى البئر مجاز العلاقة لا يقتضى ان يكون المنزوح تمام مائه بل يكفي الأكثر لصحة التجوز الثاني ان يخصص الحكم بنزح الجميع تصوره امكانه وما دل على زوال التغير بصورة عدم امكان نزح الجميع ولا يخفى ان الجمع أقرب وأنسب مع أن فيه ارتكاب لتخصيص واحد بخلاف الثاني فتدبر حجة القول الأول على وجوب نزح الجميع صحيحة معوية بن عمار ورواية عمار الساباطي عن أبي عبد الله عليه السلام قال وسئل عن بئر وقع فيها كلب أو فارة أو خنزير قال ينزف كلها يعنى مع التغير إذ بدونه يكفي ما دون ذلك لما دلت عليه الأخبار الكثيرة وانه ماء محكوم بنجاسة فيجب اخراجه أجمع وعلى اعتبار التراوح انه قائم مقام نزح الجميع في كل صورة تعذر والجواب عن الأول قد علم بما ذكرنا وعن الثاني ان الخبر ضعيف السند فلا يصلح معارضا للخبر الصحيح مع أنه غير دال على اعتبار التغير وانما جعل ذلك تأويلا له جمعا بينه وبين ما خالف ظاهره وإذا جاز ذلك فالحمل على تغير يتوقف زواله على نزح الجميع ممكن لضرورة الجمع أيضا فان ارتكاب التأويل في غير الصحيح خصوصا إذا لم يكن ظاهره معمولا أولي وعن الثالث ان المحكوم بالنجاسة المتغير حسب فلا يجب اخراج غيره سلمنا لكن الدليل دل على طهارته وهو الصحيحتان المذكورتان ومن هنا ظهر سقوط القول بالتراوح فإنه فرع لوجوب نزح الجميع وقد ظهر ضعفه وحجة القول الثاني ان فيه جمعا بين ما دل على نزح الجميع وما دل على اعتبار زوال التغير وجوابه قد ظهر بما حققنا سابقا وحجة القول الرابع نحو مما قررناه فيما له مقدر والجواب انه مخصوص بماله مقدر دون غيره فان اكتفوا فيه بزوال التغير فهو عين ما اخترناه فلا بتكره والا كان مدفوعا بالحجة التي ذكرنا وحجة الخامس على نزح أكثر الامرين ما ذكرنا واما على نزح الجميع لما ليس له مقدر فبنوه على مذهبهم بما لا نص فيه حيث حكموا بنزح الجميع لعدم دليل دال على تعيين البعض وهذا لا يجرى هيهنا لوجود الدليل على التعيين وحجة السادس مأخوذ من حجة الثاني والرابع وجوابه يعلم مما حققنا وحجة السابع بالنظر إلى ماله مقدر ان وقوع النجاسة ذات المقدر سبب لنزح
(١٢٦)