مضافا إلى الاجماع من الأصحاب ما رواه الشيخ عن زرارة في الصحيح عن أبي عبد الله عليه السلام قال ولو أن رجلا ارتمس في الماء ارتماسة واحدة اجزاءه ذلك وان لم يدلك جسده وعن الحلبي في الحسن قال سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول إذا ارتمس الجنب في الماء ارتماسة واحدة اجزاءه ذلك من غسله وروى الصدوق عن الحلبي قال حدثني من سمعه يقول إذا اغتمس الجنب في الماء اغتماسه واحدة اجزاءه ذلك ونقل الشيخ رحمه الله في المبسوط عن بعض الأصحاب انه يترتب حكما قال الشهيد في الذكرى وما نقله الشيخ يحتمل أمرين أحدهما وهو الذي عقله عنه الفاضل انه يعتقد الترتيب حال الارتماس ويظهر ذلك من كلام المعتبر حيث قال وقال بعض الأصحاب يترتب حكما فذكره بصيغة الفعل المتعدى وفيه ضمير يعود إلى المغتسل ثم احتج بان اطلاق الامر لا يستلزم الترتيب والأصل عدم وجوبه الثاني ان الغسل بالارتماس في حكم الغسل المرتب بعبر الارتماس وتظهر الفائدة لو وجد لمعة مغفلة فإنه يأتي بها وبما بعدها ولو قيل يسقط الترتيب بالمرة أعاد الغسل من رأس لعدم الوحدة المذكورة في الحديث وفيما لو نذر الاغتسال مرتبا فإنه يبرأ بالارتماس لا على معنى الاعتقاد المذكور لان ذكره بصورة اللازم المسند إلى الغسل أي بترتب الغسل في نفسه حكما وان لم يترتب فعلا وصرح بذلك الشيخ في الاستبصار فقال المرتمس يترتب حكما وان لم يترتب فعلا لأنه إذا خرج من الماء حكم أولا بطهارة رأسه ثم جانبه الأيمن ثم جانبه الأيسر والتحقيق ان الترتيب الحكمي بمعاينه لا وجه له إذ لا دليل عليه عقلا ولا نقلا انما المعلوم من الاخبار الاجتزاء في الغسل بارتماسة واحدة وسقوط الترتيب فيه مطلقا واثبات أمر اخر يحتاج إلى دليل وللمتأخرين في هذا المقام أبحاث كثيرة أظنها قليل لجدوى في أمر الدين تركتها لذلك واعلم أن ما دل على اجزاء الارتماس مختص بغسل الجنابة وصرح به الشهيد في الذكرى لكنه قال لم يفرق أحد بينه وبين غيره من الأغسال فإن لم يثبت ما ذكره من الاجماع كان انسحاب الحكم المذكور في غير الجنابة مطلقا محل التأمل نعم يدل على الحاق غسل الحيض به ما دل على اتحادهما وكذا غسل الميت فتدبر فروع الأول الحق جماعة منهم ابن الجنيد على ما حكى عنه بالارتماس في الماء الوقوف تحت المطر في سقوط الترتيب والحق الشيخ في المبسوط القعود تحت المجرى أيضا وفى التذكرة طرد الحكم في ماء الميزاب وشبهه واختاره الشارح الفاضل وعن بعض الأصحاب انه الحق صب الاناء الشامل للبدن أيضا قال الشهيد وهو لازم للشيخ رحمه الله وكانه بناء على أن الشيخ صرح بالحاق المجرى مع أنه ليس في الرواية وهذا يدل على أنه تعدى عن مورد النص إلى ما يشبهه في المعنى فيكون الحكم منسحبا في الكر وابن إدريس بالغ في منع اجراء غير الارتماس مجراه اقتصارا على محل الوفاق وتحصيلا للبراءة اليقينية واختاره المحقق والشهيد والشيخ على وهو أقرب بناء على اعتبار ما دل على وجوب الترتيب في غسل الجنابة لعموم دلالته على اعتبار الترتيب الا ما اخرج بالاخبار المختصة بالارتماس في الماء فيكون غيره داخلا في العموم واستدل على سقوط الترتيب في شبه الارتماس بوجهين الأول انه مساو للارتماس في وحدة شمول الماء عرفا وبما رواه الشيخ عن علي بن جعفر في الصحيح عن أخيه موسى بن جعفر عليهما السلام قال سألته عن الرجل هل يجز به من غسل الجنابة ان يقوم في القطر حتى يغسل رأسه وجسده وهو يقدر على ما سوى ذلك قال إن كان يغسله اغتساله بالماء اجزاه ذلك وجه الاستدلال ان كاف التشبيه مقدرة في قوله عليه السلام إن كان يغسله اغتساله بالماء أو نقدر مصدرا موصوفا تقديره إن كان يغسله غسلا مساويا اغتساله فالغسل بالمطر إذا كان مساويا بقسم من قسمي الاغتسال بالماء كان مجزيا فإذا كان الماء غزيرا بحيث يحصل الغسل دفعة واحدة عرفية صدق عليه انه يغسله غسلا مساويا للاغتسال بالماء لمساواته لاحد نوعيه وهو الارتماسي فيكون مجزيا كالارتماس من غير ترتيب وفى الوجهين نظر إما في الأول فلان مجرد الاشتراك في وصف لا يقتضى المشاركة في جميع الأحكام وكون مناط الأجزاء وحده شمول الماء عرفا ممنوع واما في الثاني فلانا لا نسلم انه يحصل بماء المطر الغسل دفعة واحدة إذ من المعلوم حصول التراخي لا يقال ليس الواجب الدفعة الحقيقية بل الواجب الدفعة العرفية لان التراخي في زمان يحصل تخليل الشعر الكثيف أو يصل الماء إلى مكاسر الجلد أو عكن بطن السمين غير قادح فيكون التراخي في زمان قليل حتى يصل ماء المطر إلى جميع الأعضاء غير قادح أيضا لأنا نقول القدر الثابت ان التراخي في زمان يحصل الماء إلى امتثال ما ذكرتم مما لا يحصل الانفكاك منه غالبا غير ضار لا مطلق التراخي وبالجملة التراخي المعلل بهذه الأشياء الضرورية إذا لم يخل لم يلزم عدم اخلال مطلق التراخي سلمنا لكن المراد بالمساواة والمماثلة ما كانت من جميع الجهات على ما هو المستفاد من سياق مثل هذا الكلام لا في الجملة والارتماس في الماء يخالف الاغتسال في المطر من حيث إن الأول دخول في الماء واغتماس ونزول فيه بحيث يغطيه الماء دون الأخير فلا تكون المماثلة التامة حاصلة على أن تعميم الخبر بالنسبة إلى الفرد النادر الذي نشك في أنه هل يوجد أم لا خلاف ما ينساق الأذهان إليه مع أنه على تقدير تمامه لا يجرى في غير المطر فالاستدلال به على شبه الارتماس مطلقا محل النظر قال المحقق بعد نقل الخبر المذكور وهذا الخبر مطلق ينبغي ان يقيد بالترتيب في الغسل وهو حسن وبهذا الخبر استدل بعضهم كما نقل في المختلف على أن الترتيب الحكمي معتبر في الارتماسي وهو ضعيف جدا الثاني لو أخل بالترتيب يجب الإعادة على ما يحصل معه الترتيب ولا يقدح عند الأصحاب عدم الموالاة لكونه غير معتبر في غسل الجنابة لما رواه الكليني والشيخ عنه عن حماد بن عيسى في الحسن وهو ممن أجمعت العصابة على تصحيح ما يصح عنه عن إبراهيم بن عمر اليماني وظاهر النجاشي توثيقه وضعفه ابن الغضائري ولكن الاعتماد على النجاشي أكثر عن أبي عبد الله عليه السلام قال إن عليا عليه السلام لم ين ئاسا ان يغسل الجنب رأسه غدوة ويغسل سائر جسده عند الصلاة وفى صحيحة حرير السابقة في مبحث موالاة الوضوء قال قلت وكذلك غسل الجنابة قال هو بتلك المنزلة وابدا بالرأس ثم افض على سائر جسدك قلت وإن كان بعض يوم قال نعم وقضية أم إسماعيل المنقولة بطريق صحيح تدل عليه أيضا فلو بقى لمعة من جسده لم يصلها الماء اجزاه غسله إن كان في الأيسر وكذلك إذا كان في الأيمن لكن تجب إعادة الأيسر بناء على وجوب تحصيل الترتيب وروى الكليني عن عبد الله بن سنان في الصحيح عن أبي عبد الله عليه السلام قال اغتسل أبى من الجنابة فقيل له قد أبقت لمعة في ظهرك لم يصبها الماء فقال ما كان عليك لو سكت ثم مسح تلك اللمعة بيده ورواه عن أبي بصير أيضا وروى الشيخ عن إبراهيم بن أبي محمود في الصحيح قال قلت للرضا عليه السلام الرجل يجنب فيصيب جسده ورأسه الخلوق والطيب والشئ اللزق مثل علك الروم والظرب وما أشبهه فيغتسل فإذا فرغ وجد شيئا بقى في جسده من اثر الخلوق والطيب وغيره قال لا باس وظاهر الرواية عدم وجوب غسل ما بقى عليه اثر الخلوق ولو اغتسل غير المرتب كالمرتمس ثم وجد تلك اللمعة ففي وجوب الإعادة نظر قال في المنتهى وكان والدي يذهب إلى الوجوب لان المأخوذ عليه الارتماس دفعة واحدة بحيث يصل الماء إلى سائر الجسد في تلك الدفعة ومن المعلوم عدم الأجزاء مع عدم الوصول ثم قال ويمكن ان يقال بالاجزاء مع غسل تلك اللمعة لان الترتيب سقط في حقه وقد غسل أكثر بدنه وأجزأه لقول أبى عبد الله عليه السلام فما جرى عليه الماء فقد اجزاه قال وفى الأول قوة واختار في القواعد عدم وجوب الإعادة وبعضهم فصل فقال إن طال الزمان وجب الإعادة والا كفى غسل اللمعة ويمكن ان يقال حصل الاغتماس في الماء فيكون مجزيا لمقتضى الخبر إذ ليس فيه التقييد بوصول الماء إلى كل جزء بحيث يقدح فيه تخلف النادر من غير تعمد فلم يكن عليه الا غسل تلك اللمعة الثالث قال الشيخ في المبسوط وإن كان على بدنه نجاسة أزالها ثم اغتسل فان خالف واغتسل أولا فقد ارتفع حدث الجنابة وعليه ان يزيل النجاسة إن كانت لم تزل وان زالت بالاغتسال فقد اجزاه عن غسلها ورده جماعة من المتأخرين فاشترطوا طهارة المحل في صحة الغسل وان الغسلة الواحدة لا تكفى لإزالة النجاسة الحكمية والعينية لان اختلاف السبب يقتضى تعدد المسبب ولانفعال الماء القليل بالنجاسة وماء الغسل يشترط فيه الطهارة اجماعا وفيه نظر لأنا لا نسلم ان اختلاف السبب عن السبب الأخر لان مقتضى التكليف وجوب المسبب عند حصول السبب إما كونه شيئا مغايرا للامر المسبب ينعتق بعد المسبب الأخر فتكليف زائد يحتاج إلى دليل والأصل عدمه فظهر ان ما يقال من أن الأصل عدم التداخل ضعيف واما الوجه الثاني فاتمامه يحتاج إلى اثبات ان ماء الغسالة ينجس قبل الانفصال عن المحل ومع ذلك لا يجرى في نجاسته يكون في اخر البدن ويمكن الاستدلال على اشتراط طهارة المحل بقول أبي عبد الله عليه السلام في صحيحة حكم بن حكيم في بيان غسل الجنابة ثم اغسل ما أصاب جسدك من اذى ثم اغسل فرجك وافض على رأسك ويؤيده قول أبى الحسن عليه السلام في صحيحة يعقوب يقطين
(٥٧)