صدق الاسم وكون المتولد مطلقا مقتضيا لذلك ممنوع إذا تمهد هذا فاعلم أن بعض الأصحاب استثنى من الحكم بنجاسة ولد الكافر هنا ما إذا سباه المسلم واستشكل ذلك لعدم الدليل واقتضاء الاستصحاب بقاء على النجاسة إلى أن يثبت المزيل ثم ذكر ان ظاهر الأصحاب عدم الخلاف بينهم في طهارته والحال هذه وانما اختلفوا في تبعيته للمسلم في الاسلام بمعنى ثبوت احكام المسلم له وهذا أمر اخر زائد على الحكم بالطهارة لكن صرح الشهيد في الذكرى ببناء الحكم بطهارته أو نجاسته على الخلاف في تبعيته للمسلم وعدمها والظاهر أن الحكم بنجاسة بعد سبي المسلم له الا دليل عليه لان الاجماع غير متحقق على النجاسة حينئذ وقد عرفت ان الاستصحاب لا يتم الا إذا دل الدليل على استمرار الحكم والامر ههنا ليس كذلك وحينئذ يتجه احتجاج المصنف وغيره للطهارة بالأصل لكن يرد عليه انه يعمل بامتثال هذه الاستصحاب فيكون ذلك حجة عليه ولا يبعد القول بالطهارة للأصل مضافا إلى ما ذكرنا من العمومات الدالة على طهارة الماء وطهوريته الا ما اخرج بالدليل بالتعريب الذي ذكرناه مرارا والمسكرات المراد بها المائع بالأصالة سواء كان خمرا أو غيرها من الأنبذة المسكرة فهيهنا بحثان الأول: في الخمر والمشهور بين الأصحاب نجاستها حتى قال السيد المرتضى لا خلاف بين المسلمين في نجاسة الخمر الا ما يحكى عن شداد لا اعتبار بقولهم وقال الشيخ رحمه الله الخمر نجسة بلا خلاف وقال ابن زهرة الخمر نجسة بلا خلاف ممن يعتد به ونقل ابن إدريس اجماع المسلمين عليه والمحكى عن ابن أبي عقيل أنه قال من أصاب ثوبه أو جسده خمر أو مسكر لم يكن عليه غسلهما لان الله تعالى انما حرمهما تعبدا لا لأنهما نجسان وقال ابن بابويه لا باس بالصلاة في ثوب اصابه خمر لان الله تعالى حرم شربها ولم يحرم الصلاة في ثوب اصابته وعزى في الذكرى إلى الجعفي وفاق الصدوق وابن أبي عقيل ويستفاد من بعض الروايات الآتية تحقق الخلاف في نجاسة الخمر بين متقدمي الأصحاب ويظهر من المحقق في المعتبر نوع تردد فيه حجة القائلين بالتنجيس وجوه الأول: الاجماع بناء على أن الاجماع المنقول بخبر الواحد حجة. الثاني: قوله تعالى انما الخمر والميسر والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه طريق الاحتجاج بالآية وجهان الأول الوصف بالرجاسة وصف بالنجاسة لتراد فيهما الثاني انه تعالى أمر بالاجتناب وهو موجب للتباعد المستلزم للمنع من الاقتران بجميع الأنواع لان معنى اجتنابهما كونه في جانب غير جانبها. الثالث: الاخبار كصحيحة علي بن مهزيار قال قرأت في كتاب عبد الله بن محمد إلى أبي الحسن عليه السلام جعلت فداك روى زرارة عن أبي جعفر وأبي عبد الله عليه السلام في الخمر يصيب ثوب الرجل انهما قال لا باس ان يصلي فيه انما حرم شربها وروى غير زرارة عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال إذا أصاب ثوبك خمر أو نبيذ يعنى المسكر فاغسله ان عرفت موضعه وان لم تعرف موضعه فاغسله كله وان صليت فيه فأعد صلاتك فاعلمني ما اخذ به فوقع بخطه عليه السلام وقراته خذ بقول أبي عبد الله عليه السلام وموثقة عمار عن أبي عبد الله (ع) قال لا يصلى في بيت فيه خمر ولا مسكر لان الملائكة لا تدخله ولا يصلى في ثوب قد اصابه خمر أو مسكر حتى يغسل ورواية يونس عن بعض من رواه عن أبي عبد الله عليه السلام قال إذا أصاب ثوبك خمرا أو نبيذ مسكر فاغسله ان عرفت موضعه وان لم تعرف موضعه فاغسله كله فان صليت به فأعد صلاتك ورواية خيران الخادم قال كتبت إلى الرجل أسأله عن الثوب يصيبه الخمر ولحم الخنزير أيصلي فيه أم لا فان أصحابنا قد اختلفوا فيه فكتب لا تصل فيه فإنه رجس ورواية زكريا بن ادم قال سألت أبا الحسن عليه السلام عن قطرة خمر أو نبيذ مسكر قطرت في قدر فيه لحم كثير ومرق قال يهراق المرق أو يطعمه أهل الذمة أو الكلب واللحم اغسله وكله وموثقة عمار عن أبي عبد الله عليه السلام قال سألته عن الدن يكون فيه الخمر هل يصلح ان يكون فيه الخل أو ماء كامخ أو زيتون فقال إذا غسل فلا باس وعن الإبريق فيه خمر أيصلح ان يكون فيه ماء قال إذا غسل فلا باس وقال في قدح أو اناء وهو يشرب فيه الخمر قال يغسله ثلث مرات سئل أيجزيه ان يصب فيه الماء قال لا يجزيه حتى يدلكه بيده ويغسله ثلث مرات وموثقة عمار أيضا عن أبي عبد الله عليه السلام في الاناء يشرب فيه النبيذ فقال يغسله سبع مرات وجه الدلالة عدم القائل بالفصل وموثقة عمار أيضا عن أبي عبد الله (ع) قال لا تصل في ثوب اصابه خمر أو مسكر واغسله ان عرفت موضعه فإن لم تعرف موضعه فاغسله كله فان صليت فأعد صلاتك وصحيحة الحلبي قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن دواء يعجن بالخمر فقال لا والله ما أحب ان انظر إليه فكيف أتداوى به انما هو بمنزلة شحم الخنزير أو لحم الخنزير وفي بعض الروايات انه بمنزلة الميتة وفي رواية أبي بصير عن أبي عبد الله عليه السلام ما يبل الميل ينجس حبا من ماء هو ثلثا يعني النبيذ وجه الدلالة ان الظاهر عدم القائل بالفصل وصحيحة عبد الله بن سنان قال سال أبي أبا عبد الله عليه السلام الذي يعير ثوبه بمن يعلم أنه يأكل الخنزير ويشرب الخمر فيرده أيصلي فيه قبل ان يغسله قال لا يصلي حتى يغسله وصحيحة عبد الله بن سنان قال سال أبي أبا عبد الله عليه السلام وانا حاضر اني أعير الذمي ثوبي وانا اعلم أنه يشرب الخمر ويأكل لحم الخنزير فيرده علي فاغسله قبل ان أصلي فيه فقال أبو عبد الله عليه السلام صل فيه ولا تغسله من أجل ذلك فإنك أعرته إياه وهو طاهر ولم تستيقن نجاسته فلا باس ان تصلي فيه حتى تستيقن انه نجسه وجه الدلالة ان كلام السائل يعطي نجاسة الخمر فتقرير الإمام عليه السلام على هذا الاعتقاد كما يظهر من تعليله عليه يؤذن بصحته هذا غاية ما يمكن الاحتجاج به على القول بالنجاسة وفيه نظر إما الاجماع فلعدم ثبوته على وجه يكون حجة ولهذا لم يحتج به المحقق والتمسك بالآية ضعيف بكلا وجهيه إما الأول فلا لا نسلم ان الرجس حقيقة في النجس لأنه يجئ في اللغة لمعان أقر بها إليه القذر واثبات انه حقيقة في القذر مجاز في غيره يحتاج إلى دليل سلمنا لكن القذر في كلامهم أعم من النجس بالمعنى الشرعي لكن لا يصلح ان يكون مرادا هيهنا أو لا يلزم ان يكون الأنصاب والأزلام أقذارا بهذا المعنى والظاهر أنه لم يقل بذلك أحد ولهذا قال جماعة من الفحول انه رجس خبر للمضاف المحذوف وهو نعاطي هذه الأشياء فان الذي تستنجسه العقول وتعافه يقينا من هذه الأشياء تعاطيها على الوجوه المقتضية للمفاسد الظاهرة المشهورة والمتعلقة بها كشرب الخمر وما يتعلق بها من حفظها وبيعها وشرائها وغير ذلك للشرب ولعب الميسر وما يتعلق به وعبادة الأنصاب وتعظيمها وما يتعلق بذلك والاستقسام بالأزلام وما يتعلق به وعلى هذا لا يصح إرادة النجس منه وان جعل رجس خبر للخمر كما هو الوجه المرجوح وقدر خبر المذكور لم يصح حمله على معنى النجس أيضا لاقتضائه كون المعنى في الخبرين مختلفا مع أن الظاهر في أمثاله الاتفاق وكون المذكور قرينة على المحذوف وحمل الرجس على معنى النجس وغيره على سبيل عموم المجاز أو الاشتراك وإرادة كل منهما بالنسبة إلى البعض مع عدم قرينة دالة عليه في نهاية البعد غير لائق بأوضاع الألفاظ واستعمالاتها بل كاد ان لا يحتمله الاستعمال وكذا جعله خبرا للخمر وجعل خبر البواقي قوله تعالى من عمل الشيطان فبعيد وكذا حمله على النجس وجعله خبرا للكل وارتكاب التجوز في الاسناد بالنسبة إلى البعض فان مقتضى اللفظ والتركيب ان يكون المعنى والاسناد بالنسبة إلى الجميع واحدا فاذن إما ان يراد بالنجس الماء ثم أو العمل المستقذر أو القذر الذي تعاف منه العقول كما يوجد في كلام جماعة من المفسرين وبالجملة حمله على معناه الحقيقي على تقدير التسليم وارتكاب بعض تلك الوجوه البعيدة مرجوح بالنسبة إلى حمله على ما ذكرنا من المعاني مجازا سلمنا التساوي لكن لابد للترجيح من دليل وقد يقال الحمل على معنى النجس متعين لان الشيخ في التهذيب نقل الاجماع على أن الرجس هو النجس لكن لا يخفى ان ثبات الاجماع المذكور في غاية الاشكال واما الثاني فمبني على تحقيق مرجع الضمير في قوله فاجتنبوه وفيه وجوه منها ان يكون راجعا إلى المضاف المحذوف اي التعاطي واختاره صاحب الكشاف الثاني ان يكون عائدا إلى عمل الشيطان ذكره الإمام الطبرسي الثالث ان يكون راجعا إلى الرجس واحتمله الطبرسي الرابع ان يكون عائدا إلى المذكورات بتأويل ما ذكر وفهم الاجتناب المنهى عنه بحيث يمكن جعله دليلا للنجاسة انما يتم على بعض تلك الوجوه ولا ترجيح له على غيره فلا يتم الاحتجاج على أن الظاهر أن المراد بالاجتناب في الجميع على نسق واحد مع أن الظاهر من الاجتناب في الخمر الشرب وما أشبهه كتحريم الأمهات واما التمسك بالاخبار فيرد عليه انها معارضة بمثلها أو أقوى منها مع عدم صحة أكثرها من حيث السند وحملها على الاستحباب غير بعيد فليحمل عليه ولا يخفى ان ما دل منها على غسل الإناء من الخمر غير دال على النجاسة لجواز ان يكون ذلك تعبديا ويكون الغرض التنزه عن الأجزاء الخمرية التي قلما يقع الانفكاك عنها وكذا تعليل التنزه عن انية أهل الكتاب بأنهم يشربون فيها الخمر وكذا ما دل على نزح ماء البئر إذا صب فيها خمر وكذا المنع مما وقع فيه الخمر من المرق والطبيخ والعجين لجواز ان يكون ذلك الاحتراز عن الأجزاء الخمرية بل يمكن المناقشة بان الامر بغسل الثياب فيما دل عليه غير دال على النجاسة أيضا وكذا الامر بإعادة الصلاة وقوله عليه السلام انه بمنزلة الشحم ونظائره غير واضح الدلالة على النجاسة لجواز ان يكون
(١٥٣)