بعيد بل الظاهر أن المراد من الدهن اطلاء الجسد بالدهن ويؤيده رواية محمد بن مسلم السابقة والتأويل الأول أيضا بعيد في هذه الرواية وحملها على الضرورة أو عوز الماء على ما ذكره الشيخان أقرب ويؤيده ما رواه الشيخ عن الحلبي في الصحيح عن أبي عبد الله عليه السلام قال أسبغ الوضوء ان وحدت ماء والا فإنه يكفيك اليسير وعلى ما ذكر تحمل الروايات الدالة على اجزاء القليل وان لم يكن بلفظ الدهن مثل ما رواه الشيخ عن زرارة في الصحيح عن أبي جعفر عليه السلام في الوضوء قال إذا مس جلدك الماء فحسبك وما رواه الشيخ والكليني عن هارون بن حمزة الغنوي في القوى عن أبي عبد الله عليه السلام قال يجزيك من الغسل والاستنجاء ما بللت يدك وذكر الشارح ان التمثيل من بالغ في وصف تقليل الغسل بالذهن مبنى على ضرب من المبالغة في جواز تقليل الجريان وربما يقال لا مانع من أن يكون ذلك على سبيل الحقيقة لوقوعه في الأخبار المعتبرة قال ابن إدريس وبعض أصحابنا يذهب في كتاب له إلى اطلاق الدهن من غير تقييد للجريان والأقرب ارتكاب التأويل في تلك الأخبار كما ذكر وقوفا على ظاهر الآية والأخبار الواردة بالغسل والصب والإفاضة وما دل على غرفة لكل عضو وبعضده عمل الأصحاب وتوقف اليقين بالبراءة من التكليف الثابت عليه وعلى كل تقدير فلا ريب في كون الاسباغ أفضل لرواية الحلبي السابقة قال المصنف في التذكرة يستحب ان يزيد في ماء الوجه على باقي الأعضاء لما فيه من الغضون والشعور و الدواخل والخوارج وقد روى علي عليه السلام ان رسول الله صلى الله عليه وآله كان يكثر فيه الماء وفيه أيضا انه يستحب مسح المافين بالإصبعين لإزالة الرمض لفعل النبي صلى الله عليه وآله قال في الذكرى رواه من فعله أبو امامة ولم أره من طريقنا ولكنه حسن للاستظهار وهل يجب الدلك المشهور بين الأصحاب العدم لصدق الغسل بدونه وأوجبه ابن الجنيد لاشتمال الوصول البياني عليه وهو موقوف على ثبوت ما يشتمل عليه الوضوء البياني وفيه كلام سيجيئ والأكثر منعوا من وجوب الدلك مع اعترافهم بوجوب ما اشتمل عليه الوضوء البياني الا ما أخرجه الدليل حتى بنوا عليه احكاما وعلى المشهور غمس العضو في الماء بدون الدلك جائز وحكى عن السيد جمال الدين بن طاوس في البشرى انه لم يجوز الغمس لأنه يستلزم الاستيناف بماء جديد في المسح وأورد عليه ان ذلك لا يسمى استينافا فاعرفا وهو المعتمد في أمثال ذلك ولو نوى عند اخر ملاقاة الوضوء للماء كان أحوط وأقرب من التخلص عن هذه الشبهة من قصاص مثلث القاف والضم أعلى وقصاص الشعر منتهى منبته من مقدمه أو مؤخرة أو حو إليه كما نص عليه أهل اللغة والمراد هنا منتهى شعر الناصية شعر الرأس إلى محاذر شعر الذقن والمراد إلى طرف الذقن وهو مجمع اللحيين اللذين ثبت عليهما الأسنان السفلى طولا وما دارت عليه الابهام بكسر الهمزة وهي الإصبع العظمى والإصبع الوسطى عرضا والظاهر أنه لا خلاف في هذا التحديد بين الأصحاب ونقل الاجماع عليه الشيخ في الخلاف وابن زهرة في الغنية ويدل عليه ما رواه ابن بابويه عن زرارة في الصحيح عن أبي جعفر عليه السلام أنه قال له اخبرني عن حد الوجه الذي ينبغي ان يتوضأ الذي قال الله عز وجل فقال الوجه الذي أمر الله عز وجل بغسله الذي لا ينبغي لاحد ان يزيد عليه ولا ينقص منه ان زاد عليه لم يوجر وان نقص منه اثم ما دارت عليه الابهام والوسطى من قصاص شعر الرأس إلى الذقن وما جرت عليه الإصبعان من الوجه مستديرا فهو من الوجه وما سوى ذلك فليس من الوجه فقال الصدغ من الوجه قال لا وأوردها الكليني والشيخ عن زرارة باسنادين أحدهما من الحسان بإبراهيم بن هاشم من غير تصريح بالامام المنقول عنه وقد أشرنا سابقا إلى أن ذلك غير ضائر سيما مع التصريح في الفقيه باسناده إلى الإمام عليه السلام وفي الخلاف والمعتبر نقله عن حريز عن أحدهما عليهما السلام وعن ابن الجنيد الاسارة إلى كونها عن الباقر عليه السلام وقد يعد اسناده في الكتابين صحيحا وليس بجيد إذ في الطريق محمد بن إسماعيل الذي يروى الكليني عنه وهو مشترك بين الثقة وغيره واحتمال كونه بان بزيع الثقة الجليل (؟؟) جدا وقد بين ذلك صاحب المنتقى وغيره بما لا مزيد عليه وبالجملة هذا الاسناد ليس عندي من الصحيح المصطلح عليه وعلى هذا جريت في مباحث هذا الكتاب ويدل على بعض التحديد السابق ما رواه الكليني والشيخ باسناده عنه عن إسماعيل ابن مهران في الضعيف قال كتبت إلى الرضا عليه السلام سأله عن حد الوجه فكتب إلى من أول الشعر إلى اخر الوجه كذلك الجنبين والأصحاب فهموا من الرواية الأولى ان الحد الطولي من قصاص الشعر اي منتهى شعر الناصية إلى الذقن وحده العرضي ما اشتملت عليه الابهام والوسطى وانما حملوا القصاص على منتهى شعر الناصية وإن كان أعم منه بحسب اللغة إما لكون ذلك هو المبادر في مثل هذه العبارة أو لان التحديد لموضع الاشتباه وغير هذا الموضع مما ارتفع عن النزعتين لا اشتباه في كونه من الرأس فكأنه عليه السلام قال ما دارت عليه الإصبعان من المبدء المذكور إلى منتهاه من الموضع الذي يظنه الناس وجها ولهذا بينه بقوله عليه السلام وما جرت عليه الإصبعان مما بظنه الناس وجها فلا يلزم على هذا الحمل دخول النزعتين وهما البياضان المكتنفان للناصية في التحديد ولا دخول الصدغين فيه لان الصدغ على ما فسره المصنف في المنتهى الشعر الذي بعد انتهاء العذار أو المحاذي لرأس الاذن وينزل عن رأسها قليلا وغيره من الفقهاء مما يقرب منه وهو ليس مما دارت عليه الإصبعان غالبا لان المراد بالدوران الحركة حول الشئ وعلى هذا يندفع ما اورد على الأصحاب بان ظاهر الرواية على هذا الحمل يوجب خروج بعض ما دخل في التحديد كالصدغين لاشتمال الإصبعين عليهما غالبا ودخول بعض ما ليس من الوجه عندهم كالنزعتين لأنهما تحت القصاص ثم إنه رحمه الله حمل الرواية على معنى اخر وهو ان كلا من طول الوجه وعرضه هو اشتمل عليه الابهام والوسطى بمعنى ان الحظ الواسل من القصاص إلى طرف الذقن وهو مقدار ما بين الإصبعين غالبا إذا فرض ثبات وسطه وأدير على نفسه ليحصل شبه دائرة فذلك القدر هو الوجه الذي يجب غسله وذلك لان الجار والمجرور في قوله عليه السلام من قصاص شعر الرأس إما متعلق بقوله دارت أو صفة مصدر محذوف والمعنى ان الدوران يبتدئ من القصاص منتهيا إلى الذقن واما حال من الموصول الواقع خبرا عن الوجه وهو لفظه ما ان جوزنا الحال عن الخبر والمعنى ان الوجه هو القدر الذي دارت عليه الإصبعان حال كونه من القصاص إلى الذقن فإذا وضع طرف الوسطى مثلا على فصاص الناصية وطرف الابهام على اخر الذقن ثم أثبت وسط انفراجهما ودار طرف الوسطى مثلا على الجانب الأيسر إلى أسفل دار طرف الابهام على الجانب الأيمن إلى فوق وتمت الدائرة المستفادة من قوله عليه السلام مستديرا وهذا الوجه مع كونه خلاف المتبادر إلى الأذهان يستلزم خروج بعض الجنينين عن الوجه والظاهر أنه لم يذهب إليه أحد وهو مناف لما يفهم من الوجه عرفا ومن هنا جعل الموافق والمخالف مبدأ الوجه جمعا التسطيح حتى جعلوا الدخول فيه والخروج عنه ضابطا في هذا الباب على أن قوله عليه السلام طول الوجه بقدر ما بين الإصبعين غالبا محل تأمل ثم اعلم أن المستفاد من الرواية المذكورة خروج الصدغين عن الوجه وهو مذهب جمهور العلماء وقيل إنه اجماعي وبه يشعر عبارة الشيخ في التهذيب لكن نقل الشهيد في الذكرى عن ظاهر الراوندي في الاحكام غسل الصدغين ولا اشكال في خروج الصدغ عن الوجه على تفسير الفقهاء لكن فسره أهل اللغة بما بين العين إلى الاذن كما يدل عليه صريح كلام ابن الأثير وظاهر كلام غيره وعلى هذا معنى قوله عليه السلام انه ليس من الوجه انه ليس كله بين الوجه ولا ينافي ان يكون بعضه من الوجه واما العذار وهو النابت على العظم الناتي الذي هو سمت الصماخ وما انحط عنه إلى وقد الاذن فذهب جماعة من العلماء منهم الفاضلان إلى عدم كونهما من الوجه بل يومي عبارة التذكرة إلى كون ذلك اجماعيا وصرح في المنتهى بعدم استحبابه أيضا وفي التحرير بتحريمه إذا اعتقده
(٢٦)