وظاهر عبارة الشيخ في المبسوط والخلاف يدل على خلاف ذلك وزعم الشهيد رحمه الله ان ظاهر عبارة ابن أبي عقيل وابن الجنيد أيضا يدل على خلافه لكن ما نقله من عبارتهما غير دال على مطلوبه والأقرب الأول لعدم شمول الإصبعين لهما غالبا واتصالهما بالصدغين والاستدلال على وجوب غسله بأن العارض يجب غسله وهو متصل بالعذار وقريب من محاذاته وكذا شعر الخدين ولعدم مفصل يقف الغسل عليه دون العذر أو لأنه اخذ بالاحتياط ضعيف وعلى ما ذكرنا لم يجب غسل البياض الذي بين الاذن والعذار بطريق أولي والظاهر أنه اتفاقي بين الأصحاب واما العارض وهو الشعر المنحط عن القدر المحاذي للاذن نابتا على اللحية إلى الذقن فقد قطع الشهيدان بوجوب غسلهما واختاره الشيخ على بل ظاهر عبارة الشهيد الثاني في شرح الشرائع دعوى الاجماع على ذلك وفيه تأمل التصريح المصنف في المنتهى بعدم وجوب غسله من غير نقل خلاف وقال المصنف في النهاية لا يجب غسل ما خرج من حد الإصبعين منهما لخروجهما عن حد الوجه والضمير يرجع إلى العذار والعارض وهذا قريب لمقتضى الرواية السابقة واما ما يقال من أن التحديد العرضي المذكور انما يعتبر في وسط التدوير من الوجه خاصة والا لوجب غسل ما نالته الابهام وان تجاوز العارض وهو باطل اجماعا ففيه ان التخصيص المذكور خلاف الظاهر وخروج شئ منه بالاجماع لا يوجب التخصيص في غير محله مع أن التحديد مخصوص بمواضع الاشتباه وما خرج عن العارض خارج عن الوجه بلا شبهة واما مواضع التحذيف وهو ما بين الصدغ والنزعة من منابت الشعر الخفيف الذي يتصل بالرأس فقيل لا يجب غسله لبنات الشعر عليه متصلا بعشر الرأس وفيه ان اتصاله بعشر الرأس لا يوجب كونه منه إذا كان متميزا عنه كما هو الواقع وللأصل ووجوب تحصيل اليقين بالبراءة من التكليف الثابت يدفعه وقيل يجب لأنه المستفاد من تحديد أعلى الوجه بمنابت شعر الرأس وفيه ان المتبادر من مبدأ التحديد منتهى شعر الناصية قال في الذكرى الأحوط انها من الوجه لاشتمال الإصبعين على طرفها و لوقوعها في التسطيح والمواجهة وفيهما ضعف ان جعل المقصود بهما الحكم لكنه جعلهما علة للاحتياط ولا ريب في كون غسلهما أحوط مع عدم نية الوجوب الا فيما يشتمل عليه الإصبعان منه واما الأذنان فليسا من الوجه باتفاق الأصحاب ودلالة لاخبار وما يدل على خلافه من الاخبار محمول على التقية كل ذلك من مستوى الخلقة والتحديد في الرواية بحسب الغالب وغيره يحال عليه فيغسل ما يغسله ولا يجزى غسل الوجه منكوسا هذا هو المشهور بين الأصحاب وذهب السيد المرتضى وابن إدريس إلى استحباب ذلك حجة الأول وجوه منها ما رواه الشيخ عن زرارة في الصحيح ورواه الكليني عن زرارة باسناد فيه توقف بتفاوت ما في المتن قال حكى لنا أبو جعفر عليه السلام وضوء رسول الله صلى الله عليه وآله فدعا بقدح من ماء فادخل يده اليمنى فاخذ كفا من ماء فاسد لها على وجهه من أعلى الوجه ثم مسح بيده الحاجبين جميعا ثم أعاد اليسرى في الماء فاسد لها على اليمنى ثم مسح جوانبها ثم أعاد اليمنى في الاناء ثم صبها على اليسرى فصنع بها كما صنع باليمنى ثم مسح بقية ما بقى في يده رأسه ورجليه ولم يعدها في الاناء الحديث فان فعله عليه السلام بيانا للمجمل فيكون وجوب ابتدائه بالأعلى متعينا وفيه انه لا اجمال في الآية حتى بحمل فعله عليه السلام على البيان وابتداؤه يجوز ان يكون لأجل قرب هذا الفرد إلى العادة أو لكونه أفضل الفردين الواجبين أو يكون اتفاقيا فلا يدل على الوجوب ويؤيده كون ذلك غير مذكور في كثير من الروايات المشتملة على حكاية وضوئه صلى الله عليه وآله ورواه هذا الراوي بعينه من غير نقل ذلك ومنها قول أبي جعفر عليه السلام في حسنة زرارة المنقولة في الكافي فوضعها على جنبيه وهو قريب من الأول احتجاجا وجوابا ومنها انه عليه السلام توضأ مرة مرة ثم قال هذا وضوء لا يقبل الله الصلاة الا به فتعين البداة بالأعلى بناء على أنه عليه السلام بدا بالأعلى إما لبعض الأخبار الدالة على ذلك أو لأنه صلى الله عليه وآله لو عكس لزم بعينه العكس وهو خلاف الاجماع وأيضا هو مكروه على ما سمله القائلون بجواز النكس فكيف يصدر عنه صلى الله عليه وآله فثبت ابتداؤه صلى الله عليه وآله بالأعلى فيجب ذلك بمقتضى الخبر ولا يخفى ان هذه الرواية اوردها ابن بابويه مرسلا والظاهر أنه من طريق العامة صرح به علم الهدى في الانتصار وابن زهرة في الغنية فاثبات حجيتها لا يخلو عن اشكال الا ان ايراد الصدوق لها مع التزامه ان لا يورد في كتابه الا ما يحكم بصحته مما يقويها وان لم يوجب الحكم بصحتها ويمكن ان يقال عدم القبول لا يستلزم عدم الأجزاء عند السيد إذ يتحقق بعدم ترتب الثواب فلا دلالة في الخبر على اشتراط البدأة بالأعلى ويمكن دفعه بالاستعانة بالاجماع المركب لكن اثباته لا يخلو عن اشكال ولقائل أن يقول دلالة عدم القبول على عدم الاجراء أو على عدم الثواب بالكية ليس له وضوح تام لشيوع استعماله في فوات الكمال والثواب التام ويؤيده اشتمال الوضوء المحكي على بعض المندوبات والظاهر أن عدم القبول له ظهور ما في البطلان فيكون لهذا الخبر دلالة ما على المشهور لكن الاستدلال به مع معارضة الاطلاق الآية والاخبار مشكل مع امكان ان يقال يجوز ان يكون هذا إشارة إلى الغسلات والمسحات التي فعلها مرة من غير إشارة إلى جميع خصوصياتها حذرا عن لزوم التخصيص وما نقموا نتمه لهذا الخبر وهو قوله صلى الله عليه وآله ثم توضأ مرتين وقال هذا وضوء من ضاعف الله له الاجر لا يخلو عن تأييد ما لذلك ثم ما قالوا من أنه عليه السلام بدا في الوضوء المذكور بالأعلى ممنوع والخبر؟؟ الذي أشير إليه لا دلالة فيه على ذلك وقد علمت ما في التعليل الثاني واما قولهم النكس مكروه فلم يفعله النبي صلى الله عليه وآله ففيه انه يجوز ان يفعله بيانا للجواز وقد يقال إن المراد لا يقبل الله الصلاة الا بمثله فالواجب أقل ما يصدق معه المماثلة وانتفاؤها رأسا بالبداة بغير الاعلى ممنوع وفيه نظر لأنه إذا تعذر الحمل على الحقيقة يجب ان يحمل على أقرب المحازات إليها وهو المماثلة من جميع الجهات على أن حملها على المماثلة المطلقة يوجب خروج الكلام عن الفائدة وهو بعيد ومنها قول أبي جعفر عليه السلام في حكاية وضوء رسول الله صلى الله عليه وآله فغسل يده اليمنى من المرفق إلى الأصابع لا يرد الماء إلى المرفق رواه الشيخ عن زرارة وبكير ابني أعين ويستفاد منه الحكم في اليد ويجرى في الوجه للاجماع المركب وأنت خبير بما فيه وفي طريق هذه الرواية عثمن بن عيسى وهو واقفي غير موثوق به الا انه قيل إنه ممن أجمعت العصابة على تصحيح ما يصح عنه وذكر الشيخ في العدة ان الأصحاب يعملون برواياته وقد روى قريبا من ذلك الكليني عنهما بطريق حسن ومنها ما رواه الكليني والشيخ عنه عن الهشيم بن عروة في الضعيف قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن قوله تعالى فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق فقال ليس هكذا تنزيلها انما هي فاغسلوا وجوهكم وأيديكم من المرافق ثم أمر يده من مرفقه إلى أصابعه وفيه ان الرواية ضعيفة مع أن ظاهرها مناف لما تواتر من القراءات ولا دليل على حجية مثله حجة القول الثاني اطلاق الآية الاخبار واحتج لهذا القول في المختلف بعموم عليه السلام لا باس بمسح الوضوء مقبلا ومدبرا وهو استدلال ضعيف وعلى القول بالمشهور فالواجب صب الماء على على الوجه واتباعه بالباقي واما ما توهمه بعض القاصرين من عدم جواز غسل جزء من الأسفل قبل الاعلى وان لم يكن في سميته فضعيف فاسد بلا ريب ولا يجب تحليل اللحية وإن كانت أو للمرأة هذا هو المشهور واليه ذهب الشيخ والمحقق في بعض كتبه قال الشيخ في الخلاف ولا يجب ايصال الماء إلى أصل شئ من شعر الوجه مثل شعر الحاجبين والأهداب والعذار والشارب بالاجماع وذهب المصنف في عدة من كتبه والشهيد في بعض كتبه إلى وجوب التخليل في اللحية الخفيفة وفسر بما ترى البشر في مجلس التخاطب من خلاله ونسب المصنف القول بذلك في التذكرة إلى ابن أبي عقيل وفي المختلف إلى المرتضى وابن الجنيد واعترض عليه الشهيد رحمه الله بان عبارتهما غير دالة على مطلوبه وحملها على المشهور وذكر
(٢٧)