ذخيرة المعاد (ط.ق) - المحقق السبزواري - ج ١ق١ - الصفحة ٢٤
وجوبه وندبه وما يقول المتكلمون من أن الإرادة تؤثر في حسن الفعل وقبحه فإذا نوى الوجوب والوضوء مندوب فقد قصد ايقاع الفعل على غير وجهه كلام شعري ولو كان له حقيقة لكان الناوي مخطئا في نيته ولم تكن البينة مخرجة للوضوء عن التقرب به انتهى كلامه وهو حسن متقربا إلى الله تعالى والمراد به موافقة إرادة الله تعالى وامتثال امره أو نيل الثواب عنده تشبيها لرفعة الشأن بقرب المكان ولا ريب في اجزاء الأول وكونه أفضل من الثاني لكونه أقرب إلى درجة الاخلاص وأنسب بمقام العبودية وعليه مدائح كثيرة في الكتاب والسنة واما الثاني وهو طلب الثواب وفي حكمه الخوف من العقاب فقد نقل الشهيد رحمه الله في قواعده عن الأصحاب القول ببطلان العبادة بهاتين الغايتين وبه قطع السيد رضي الدين ابن طاوس ثم اختار الشهيد في القواعد وفي الذكرى الصحة محتجا بان قصد الثواب لا يخرج عن ابتغاء الله بالعمل لان الثواب لما كان من عند الله فمبتغيه مبتغ لوجه الله في الجملة ولا يقدح كون تلك الغاية باعثة على العبادة لان الكتاب والسنة مشتملة على المرهبات والايعاد بالعقوبات وعلى المرغبات من المدح والثناء في العاجل والجنة ونعيمها في الاجل قال رحمه الله ولو قصد المكلف الطاعة لله تعالى وابتغاء وجهه كان كافيا و يكفي عن الجميع قصد الله سبحانه هذا ما افاده رحمه الله ويدل على اجزاء العبادة بهما كثير من الظواهر كقوله تعالى يدعون ربهم خوفا وطعما ويدعوننا رغبا ورهبا وقوله تعالى رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله وأقام الصلاة وايتاء الزكاة يخافون يوما تتقلب فيه القلوب والابصار ليجزيهم الله أحسن ما عملوا واستدل بعضهم في ذلك إلى قوله تعالى يا أيها الذين امنوا اركعوا واسجدوا واعبدوا ربكم وافعلوا الخير لعلكم تفلحون اي راجين للفلاح أو لكي تفلحوا قاله الطبرسي وللتأمل فيه مجال ومما يؤيد اجزاء الصلاة ما روى عنهم عليهم السلام من بلغة ثواب من الله على عمل فعمله التماس ذلك الثواب أؤتيه وان لم يكن الحديث كما بلغه وغير ذلك مما يدل على المدح بالاعمال خوفا ورجاء في الأخبار الكثيرة بل يستفاد ذلك من الترغيبات والترهيبات المشتمل عليها الكتاب والسنة ويؤيد ذلك صعوبة الخلاص من ذلك خصوصا بالنسبة إلى العوام ومن قصرت درجته عن منازل الكاملين فتكليفهم بمثل هذه المرتبة التي لا يصل إليها إلا أخلص العارفين بعيد نعم بين هذه المرتبة والمرتبة السابقة بون بعيد وأشار الصادق عليه السلام إلى تفاوت درجات العباد فيما روى عنه هارون بن خارجه في الحسن قال إن العباد ثلثة قوم عبدوا الله عز وجل خوفا فتلك عبادة العبيد وقوم عبدوا الله تبارك وتعالى طلب الثواب فتلك عبادة الاجراء وقوم عبدوا الله عز وجل حباله قتلك عبادة الأحرار وهي أفضل العبادة وهذا يدل على اجزاء غيرها وبالجملة الظاهر أن المكلف إذا اتى بالفعل لله من غير قصد اخر أو امتثالا لأمر ما وموافقة لإرادته أو لكونه أهلا للعبادة أو حباله أو انقيادا أو إجابة لدعوته أو ابتغاء لمرضاته إلى غير ذلك كان مجزيا وانما اثر الأصحاب لفظ القربة مع غموض معناها اقتفاء لوقوعها كثير في الألفاظ الشرعية كقوله تعالى الا انها قرية لهم وقوله تعالى ويتخذ ما ينفق قربات وقوله عليه السلام أقرب ما يكون العبد إلى ربه وهو ساجد ثم لا يخفى ان الأقرب في الاستدلال على وجوب القربة بالاخبار الدالة على تحريم الرياء في العبادات مطلقا وايجاب ان يكون الأعمال لله واما الاستدلال عليه بقوله تعالى وما أمروا الا ليعبدوا الله الآية بأنه حصر فيها غاية كل أمر في العبادة حال الاخلاص ولو حصل الامتثال بدون الاخلاص لم تكن الغاية منحصرة فيه والضمير وإن كان لأهل الكتاب لكن يثبت حكمه في حقنا قوله تعالى بعد ذلك وذلك دين القيمة اي المستمرة على جهة الصواب على ما قاله الإمام الطبرسي فللتأمل فيه مجال إذ يجوز ان يكون المراد بالاخلاص تخصيص العبادة بالله تعالى من دون غير من الألهة كقوله تعالى وما أمروا الا ليعبدوا الها واحدا لا اله الا هو سبحانه وتعالى عما يشركون وقوله تعالى قل انما أمرت ان أعبد الله ولا أشرك به وقوله تعالى أمر ان لا تعبدوا الا إياه ذلك الدين القيم وما رواه الكليني عن عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله عليه السلام في قول الله عز وجل حنيفا مسلما قال خالصا مخلصا ليس فيه شئ من عبادة الأوثان وأيضا ليس هنا حصر الغاية في مجرد العبادة في حال الاخلاص بل ضم إليه الصلاة والزكاة فلا يلزم وجوب الاخلاص في عبادة وأيضا يجوز ان يكون المراد من الدين الملة أو يكون المراد الطاعة لكن يكون التعريف للعهد إشارة إلى الطاعة التي يتحقق به أصل الدين ويؤيده قوله تعالى وان الدين عند الله الاسلام وقوله تعالى من يبتغ غير الاسلام دينا فلن يقبل منه وعلى هذا لا يلزم الا وجوب الاخلاص في أصل الدين والملة لا في كل عبارة وكذا الاستدلال بقوله تعالى فادعوا الله مخلصين له الدين لمنع ان المراد بالاخلاص فيه نية التقرب ومنع العموم في كل عبادة لان الامر لا يدل على التكرار وكذا قوله تعالى قل الله أعبد مخلصا له ديني بناء على وجوب التأسي لما فيه من بعض المنوع السابقة على أن وجوب التأسي انما يكون عند العلم بوجه الوجوب واثباته هنا يحتاج إلى بيان وفي وجوب نية رفع الحدث أو الاستباحة للصلاة أو شئ اخر مشروط بالوضوء قولان احتج النافي بالأصل والموجب بقوله تعالى إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا اي لأجل الصلاة فان ذلك هو المفهوم منه لغة فإذا قيل إذا لقيت الأمير فخذا هبتك وإذا لقيت الأسد فخذ سلاحك يفهم منه طلب الاخذ لأجل لقاء الأمير والأسد ولا معنى لفعله لأجل الصلاة الا نية استباحتها به وفيه بحث لان غاية ما يلزم مما ذكرتم ان يكون الوجوب لأجل الصلاة على أن يكون الظرف قيدا للوجوب لا وجوب الوضوء لأجل الصلاة على أن يكون الظرف قيد ا للوضوء حتى إذا لم يصدر عنه الوضوء المعلل المغيى بكونه لأجل الصلاة لم يكن ممتثلا على أنه لو سلم ذلك لا يلزم منه وجوب نية الاستباحة عند الفعل كما يدعونه ويرد عليه أيضا ان هذا الدليل لو تم لدل على وجوب نية الاستباحة تعيينا كما هو مذهب المرتضى لا التخيير بينه وبين الرفع لان المستفاد من الآية وجوب نية الاستباحة كما ادعوا فإن كان ذلك ظاهرا في الوجوب العيني ثبت ما قلنا والا فلا خفاء في أن القول بكون شئ قائما مقامه بدلا عنه يحتاج إلى دليل فإذا انتفى الدليل كان القول بتعين الاستباحة متعينا فاندفع ما يقال في الجواب من أن الاستباحة أحد الفردين الواجبين واحد افراد الواجب المخير يصدق عليه الوجوب بقول مطلق ثم نقول إما ان يكون نية الرفع يستلزم نية الاستباحة أم لا وعلى الأول كان صحة النية باعتبار اشتماله على نية الاستباحة المطلوبة وكان ضم الرفع إليه لغوا عبثا لا عبرة به وعلى الثاني كانت النية غير صحيحة لعدم اشتمالها على نية الاستباحة المطلوبة فلا معنى للتخيير فاندفع ما يقال في الجواب من أن نية الرفع يستلزم فيه الاستباحة ولا يحتاج دفعه إلى تكلف دفع الاستلزام البين كما ارتكبه الشارح الفاضل إذ الظاهر أن المراد يرفع الحدث رفع الحالة التي لا يصح معها الدخول في الصلاة وغيرها من غايات الوضوء وهذا مستلزم للاستباحة لزوما بينا فان منعه مانع كان للقائل بالتخيير أن يقول إن مرادنا برفع الحدث هذا المعنى فلا وجه لمنعه وتجب استدامتها حكما إلى الفراغ بمعنى ان لا ينوى نية تنافي النية الأولى بان يقصد ابطال العمل أو ما يعلم أنه يبطل العمل أو يقصد ببعض الأجزاء الرياء أو غاية أخرى غير التقريب وان رجع إلى النية الصحيحة قبل الاتيان بشئ من الافعال أو بعده مع عدم جفاف الأعضاء السابقة صح وضوءه وهذا الحكم بناء على ما ذكرنا من أن الاخبار والاجماع دالان على وجوب ان يكون الفعل لله وأن يكون القصد منه التقريب فإذا نوى في الأثناء نية أخرى مخالفة للنية الأولى لم يكن ما يأتي به بعد تليك النية لله تعالى ولم يقصد به التقريب إليه فلم يصدق ان مجموع العمل لله إما لو رجع إلى القصد الأول كان المجموع حاصلا بالغرض الصحيح ولم يثبت ان تخلل هذه النية الفاسدة ضائر وقال ابن زهرة في الغنية الغرض الثالث استمرار حكم هذه النية إلى حين الفراغ من العبادة وذلك بان يكون ذاكرا لها غير فاعل لنية تخالفها بالاجماع وفسر الشهيد الاستدامة الحكيمة في الذكرى بالبقاء على حكمها والعزم على مقتضاها استنادا
(٢٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الطهارة 2
2 اقسام الطهارة 2
3 القول في الوضوء قبل الوقت 2
4 حرمة مس القرآن وأسماء الله للمحدث 2
5 القول في الحسين بن المختار وتوثيقه 3
6 جواز الدخول بالوضوء المندوب في الصلاة الواجب 3
7 فيما يستحب الوضوء به 4
8 القول في تجديد الوضوء واستحبابه 4
9 في وجوب نية الرفع في الوضوء 4
10 لو قصد بالوضوء مالا يشترط فيه الطهارة 4
11 ما يجب له الغسل 5
12 وجوب الغسل على الجنب للصوم 5
13 القول في غسل الجمعة ووجوبه واستحبابه 6
14 وقت غسل الجمعة 6
15 جواز تقديم غسل الجمعة يوم الخميس 7
16 استحباب الغسل للزيارة 7
17 القول في تداخل الأغسال 8
18 فيما إذا تداخلت الأغسال وكان فيها غسل واجب 8
19 حجة القول بعدم تداخل الأغسال 10
20 فيما يجب له التيمم 10
21 القول في تيمم المجنب في المسجدين 10
22 الكلام في إباحة الصلاة بالتيمم للخروج عن المسجدين 11
23 ما يستحب له التيمم 11
24 في أسباب الوضوء 12
25 القول فيما لو خرج الحدث من فوق المعدة 12
26 ناقضية الجنون والاغماء والسكر للوضوء 14
27 الكلام في المذي والوذي والودي 14
28 في عدم كون مس الفرج ناقضا 14
29 القبلة لا تنقض الوضوء 15
30 آداب التخلي 15
31 وجوب ستر العورة حالة التخلي 15
32 حرمة استقبال القبلة واستدبارها حال التخلي 16
33 في أن مخرج البول لا يطهر إلا بالماء 16
34 وجوب الغسل من البول مرتين 17
35 وجوب إزالة العين والأثر ان كان التطهير بالماء 17
36 في تخيير المستنجي بين الماء والأحجار 18
37 العدد الواجب في الحجار 18
38 في أن من نسى الاستنجاء والاستبراء وتوضأ صح وضوؤه 19
39 في استحباب تقديم الرجل اليسرى في الخلاء 20
40 وجوب الاستبراء وكيفيته 20
41 كيفية الدعاء عند الاستنجاء 21
42 استحباب الجمع بين الماء والأحجار 21
43 كراهة البول في الماء جاريا وراكدا 22
44 كراهة الاستنجاء باليمين 22
45 وجوب النية في الوضوء 22
46 وجوب الجمع في النية بين الرفع والاستباحة 23
47 عدم وجوب نية الوجوب والندب 23
48 وجوب التقرب في النية 24
49 وجوب الاستدامة في النية 24
50 ضم نية الرياء يبطل النية 25
51 فيما يجب غسله في الوضوء ومقداره 26
52 عدم جواز الغسل منكوسا 27
53 وجوب البداءة بالأعلى في الغسل 27
54 وجوب تخليل اللحية وان خفت 27
55 وجوب غسل اليدين من المرفقين 28
56 فيما لو كانت للمتوضئ يد زائدة 29
57 كفاية المسح ببعض الرأس والرجلين 29
58 عدم جواز المسح على الحائل 30
59 تعريف الكعب والواجب مسحه 31
60 جواز المسح على الرجلين منكوسا 33
61 وجوب كون المسح بنداوة الوضوء 34
62 وجوب كون مسح الرجل اليمنى باليمنى واليسرى باليسرى 35
63 وجوب إعادة الوضوء ان خالف الموالاة 35
64 وجوب الإعادة فيما لو خالف الترتيب 36
65 وجوب إعادة الوضوء فيما لو ترك المتابعة 36
66 حكم ذي الجبيرة 37
67 الحاق الجروح والقروح بالجبيرة 37
68 حكم ما لو كانت الجبيرة على تمام العضو 38
69 حكم المسلوس والمبطون في الوضوء 39
70 ما يستحب للمتوضئ 40
71 القول في صفوان هل هو صحيح أم لا 40
72 الأدعية المأثورة في الوضوء 41
73 استحباب ابتداء الرجل بغسل ظاهر ذراعيه والمرأة بالعكس 42
74 كراهة الاستعانة في الوضوء 42
75 حكم تيقن الطهارة والشك في الحدث 44
76 لو شك في شئ بعد التجاوز عن محله 44
77 فيما لو جدد وضوء ندبا ثم ذكر بعد الصلاة اخلال عضو من الطهارتين 45
78 حكم من نسى فريضة مجهولة 46
79 غسل الجنابة 47
80 تعريف الاستخدام 48
81 وجوب الوضوء مع كل الأغسال الا الجنابة 48
82 أدلة وجوب الغسل بالوطي في الدبر 49
83 إن حجية الاجماع بدخول المعصوم ضمن المجمعين 50
84 حجية الاجماع المنقول بخبر الواحد وعدم حجيته 50
85 عدم وجوب الغسل على من وجد المنى في الثوب المشترك 51
86 فيما يحرم على الجنب 52
87 فيما يكره للجنب 53
88 ترجيح الوجوب النفسي للغسل 54
89 وجوب النية وغسل البشرة في الغسل 55
90 وجوب الترتيب في الغسل 56
91 حكم الوقوف تحت المطر حكم الارتماس 57
92 فيما لو وجد المغتسل بللا بعد الغسل 58
93 حكم من بال ولم يستبرئ 59
94 مستحبات الغسل 59
95 في أن غسل الجناية لا يرفع الحدث الأصغر 60
96 صفة دم الحيض 61
97 سن اليأس للقرشية وغيرها 62
98 أقل الحيض ثلاثة أيام وأقل الطهر عشرة 63
99 فيما تستقر به العادة 64
100 الفرق بي الحيض والاستحاضة 65
101 تعريف المضطربة 66
102 فيمن فقدت التميز والعادة 67
103 حكم المتحيرة والمضطربة الذاكرة للعدد 68
104 أدلة ثبوت الاستظهار 69
105 حرمة لبث الحائض في المساجد 70
106 كراهة وطئ الحائض بعد انقطاع الدم وقبل الغسل 72
107 دم الاستحاضة 73
108 حكم المستحاضة الكثيرة والمتوسطة 74
109 النفاس وأحكامه 77
110 في أن النفساء ترجع إلى عادتها ان كانت ذات عادة 78
111 غسل الأموات وثواب غاسلها 79
112 استحباب تلقين المحتضر 80
113 الزوج أولى بزوجته من كل أحد 81
114 كيفية التكفين 88
115 التيمم 92
116 فيما يجزى في التيمم 97
117 في كيفية التيمم 102
118 وجوب الترتيب والاستيعاب للأعضاء في التيمم 106
119 يستباح في التيمم كل ما يستباح بالطهارة المائية 109
120 الماء المطلق والمضاف 114
121 الماء الجاري 116
122 الماء الراكد 121
123 تحديد الكر 122
124 ماء البئر 126
125 حكم نجاسة البئر بالملاقاة 127
126 وجوب الاجتناب من الانائين المردد نجاستهما 138
127 عدد النجاسات 145
128 وجوب إزالة النجاسة من الثوب والبدن للصلاة 156
129 في إعادة الصلاة في الوقت إذا كان قد صلى في ثوب نجس 167
130 حرمة استعمال أواني الذهب والفضة للاكل والشرب 173