إذا احترق القرص كله وترك الصلاة متعمدا واختاره أكثر المتأخرين منهم المصنف والمفيد وعلم الهدى على تركها متعمدا من غير اشتراط استيعاب الاحتراق ونقل عن السيد المرتضى في المسائل المصرية الثالثة وأبى الصلاح وسلار القول بالوجوب ومن القائلين بوجوبه بالشرطين المذكورين الشيخ في النهاية والأقرب عندي الاستحباب إذا تعمد الترك سوء احترق القرص كله أم لا ويدل عليه ما رواه الشيخ عن حماد عن حريز في الصحيح عمن اخبره عن أبي عبد الله عليه السلام قال إذا انكسف القمر فاستيقظ الرجل ولم يصل فليغتسل من غد وليقض الصلاة وان لم يستيقظ ولم يعلم بانكساف القمر فليس عليه الا القضاء بغير غسل وهذه الرواية ارسالها غير ضائر لأنها رواية معمولة عند الأصحاب مشهورة بينهم مع أن في صحتها إلى حماد بن عيسى وهو ممن أجمعت العصابة على تصحيح ما يصح عنه اشعارا بحسنها والاعتماد عليها والغالب على حريز الرواية عن الثقات وفيه أيضا اشعار بحسنها وينضاف إلى هذا كله المسامحة في أدلة السنن ولا يقدح اختصاصها بحكم القمر لأن الظاهر عدم القائل بالفصل فينسحب الحكم في الشمس أيضا فان قلت ظاهر هذه الرواية وهو القضاء في صورة عدم العلم مطلقا غير معمول به بين أكثر الأصحاب وفيه الاخبار المعتمدة الآتية في محله فينبغي ان يخص بصورة احتراق الجميع قلت الذي يستفاد من الاخبار عدم وجوب القضاء الا في الصورة المذكورة لا عدم استحبابه نعم لو ثبت الاجماع على عدم الاستحباب تعين المصير إلى تخصيص الخبر بصورة احتراق الجميع لكن الاجماع عليه غير ثابت ولا ادعاه أحد احتج القائل بالوجوب بالرواية المذكورة وقول أحدهما عليهما السلام في اخر صحيحة محمد بن مسلم السابقة وغسل الكسوف إذا احترق القرص كله فاغتسل والجواب عن الأول ان الامر في اخبارنا غير واضحة الدلالة على الوجوب مع أن قوله عليه السلام في اخر الخبر فليس عليه الا القضاء بغير غسل محمول على الاستحباب لما أشرنا إليه من أن حملة على الوجوب ينافي الاخبار المعتمدة فلابد إما من حمله على الاستحباب أو تخصيصه بصورة استيعاب الاحتراق ولا يخفى بترجيح الأول وهذا مما يقوى قرب حمل الامر المذكور في الخبر على الاستحباب وعن الثاني انه لا اختصاص فيه بالقضاء بل ظاهره الأداء ووجوب الغسل والحال هذه غير معمول به بين الأصحاب فينبغي حمله على الاستحباب ولا ترجيح لتخصيصه بالقضاء على الحمل المذكور والمولود حين ولادته على المشهور بين الأصحاب وقال شاذ منا بوجوبه استنادا إلى رواية سماعة السابقة ولعل الوجوب في الرواية محمول على تأكد الاستحباب بقرينة انضمام ما ثبت استحبابه وللسعي إلى رؤية المصلوب بعد ثلاثة أيام مع حصول الرؤية اختلف فيه الأصحاب فقال أبو الصلاح بوجوبه وابن البراج باستحبابه واختاره المصنف ولعل المستند فيه ما قال ابن بابويه في الفقيه وروى أن من قصد إلى رؤية مصلوب فنظر إليه وجب عليه الغسل عقوبة قال المحقق بعد نقل هذه الرواية ولم يثبت عندي ما ذكره رحمه الله وبالجملة مستند الوجوب غير واضح لعدم ثبوت صحة الرؤية عدم وضوح كون المراد بالوجوب معناه المصطلح ولا يبعد القول بالاستحباب للرواية المذكورة ولا فرق بين المصلوب الشرعي وغيره ولا بين ان يكون مصلوبا على الهيئة المعتبرة شرعا وغيره عملا باطلاق الدليل ولتوبة سواء كانت عن فسق أو كفر والتقييد بالفسق في كثير من عبارات الأصحاب يقتضى خروج الصغائر وصرح المفيد بالتقييد بالكبائر وقال المصنف في المنتهى سواء كان الفسق مشتملا على صغيرة أو كبيرة والأصل في هذه المسألة ما روى الشيخ والكليني والصدوق عن أبي عبد الله عليه السلام ان رجلا جاء إليه فقال له ان لي جيرانا ولهم جوار يتغنين و يضربن بالعود فربما دخلت المخرج فأطيل الجلوس استماعا منى لهن فقال له عليه السلام لا نفعل فقال والله ما هو شئ آتيه برجلي انما هو سماع أسمعه بإذني فقال الصادق عليه السلام تالله أنت إما سمعت الله يقول إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسؤلا فقال الرجل كأني لم اسمع بهذه الآية من كتاب الله عز وجل من عربي ولا عجمي لا جرم انى قد تركتها فانى استغفر الله فقال له الصادق عليه السلام قم فاغتسل وصل ما بذلك فلقد كنت مقيما على أمر عظيم ما كان أسوء حالك لو مت على ذلك استغفر الله وسئله التوبة من كل ما يكره فإنه لا يكره الا القبيح والقبيح دعه لأهله فان لكل أهلا قال المحقق بعد نقل الرواية وهذه مرسلة وهي متناولة لصورة معينة فلا يتناول غيرها والعمدة فتوى الأصحاب مضافا إلى أن الغسل جبر فيكون مرادا ولأنه تفال الغسل الذنب والخروج من دنسه انتهى وصلاة الحاجة وصلاة الاستخارة ليس المراد أي صلاة أوقعها المكلف لهذين الامرين بل صلوات مخصوصة ورد النص باستحباب الغسل قبلها أو بعدها وهي مذكورة في مظانها وغسل دخول الحرم والمسجد والحرام ومكة والكعبة والمدينة ومسجد النبي صلى الله عليه وآله للنص في الجميع ولا يتداخل أي لا يتداخل هذه الأغسال بان يكفي غسل واحد عند اجتماع سببين أو أكثر من أسباب الغسل والى هذا ذهب جماعة من الأصحاب منهم المصنف استنادا إلى أن كل واحد منهما سبب مستقل في استحباب الغسل والأصل عدم التداخل والتداخل في بعض الصور على خلاف الأصل خارج عن هذا الحكم بدليل مختص به ولاعتبار نية السلب ولا يخفى ضعف هاتين الحجتين لأنا لا نسلم ان الأصل عدم التداخل وقد تحقق عندي في الانظار الأصولية بطلان التمسك بأمثال هذه الأصول وسيجيئ إشارة إليه في مباحث المياه في مسألة تطهير المضاف مع أنه تقدير التسليم معارض بأصل عدم تعلق التكليف بالامر الزائد ولا حجة على اعتبار نية السبب مع مخالفته لأصل عدم الوجوب على أن هذا لا يقتضى عدم التداخل لجواز الجمع في النية وتفصيل المسألة وتحقيقها انه إذ اجتمع على المكلف غسلان فصاعدا فاما ان يكون الكل واجبا أو مستحبا أو يكون بعضها واجبا وبعضها مستحبا فههنا أقسام ثلثة الأول ان يكون الكل واجبا وحينئذ فان قصد الجميع في النية فالظاهر اجزاؤه عن الجميع وان لم يقصد تعيينا أصلا بل نوى مطلقا من غير قصد حدث معينا كالجنابة أو الحيض مثلا فالظاهر اجزاؤه عن الجميع ان تحقق ما يعتبر في صحة النية من القربة وغيرها ان قلنا باعتبار أمر زائد على القربة وان قصد حدثا معينا فإن كان الجنابة فالمشهور بين الأصحاب اجزاؤه عن غيره بل قيل إنه متفق عليه وإن كان غيرها ففيه قولان والأظهر انه كالأول وظاهر القول بعدم التداخل عدم الأجزاء مطلقا وقال المصنف في النهاية وان نوى الأدون كالحيض فالأقوى عدم ارتفاع الجنابة فان رفع الأدون لا يستلزم رفع الاعلى فان اقترن بالوضوء احتمل رفعها لوجود مساوى الغسل للاذن في الدخول في الصلاة معهما وعدمه فان الوضوء لا تأثير له في رفع حدث الجنابة ولا غسل الحيض لقصوره ويحتمل قوة الحيض لافتقاره في رفعه إلى طهارتين واستغناء الجنابة عن أحدهما انتهى كلامه ولا يخفى ان الاستناد إلى مثل هذه التعليلات الاعتبارية في الأمور الشرعية مما يخالف طريقة أصحابنا المتمسكين بالنصوص المحترزين عن التعويل على الأقلية والاستحسانات والاعتبارات العقلية ولعل غرض المصنف ومن يحذو حذوه في ايراد أمثال هذه التعليلات واضعف منها بمراتب في كثير من المباحث الشرعية مجرد ايراد نكتة من غير تعويل عليه أو استناد في الحكم إليه أو الغرض الرد على العامة جريا على مقتضى أصولهم لكن لا يجرى هذان التوجيهات في كثير من المواضع وهم اعرف بمقاصدهم وأغراضهم لنا على ما ذكرنا ورجحنا ان مقتضى التكليف الاغتسال بعد حصول السبب كالحيض والجنابة ويصدق على الغسل الواحد انه اغتسال بعد حصول الحيض فيحصل امتثال كلا التكليفين المقتضى للاجزاء عن الجميع وليس مقتضى التكليف الاغتسال بعد حصول السبب اغتسالا مغاير الاغتسال الذي به تمثيل المكلف الاخراذ في ذلك خروج عن اطلاق الامر إلى التقييد والتخصيص من غير حجة والتحقيق يدفعه ولنا أيضا ما رواه الكليني عن زرارة في الحسن بإبراهيم بن هاشم قال إذا اغتسلت بعد طلوع الفجر أجزأك غسلك إلى قال إذا اغتسلت بعد طلوع الفجر أجزأك غسلك ذلك
(٨)