عن ابن حمزة والمحقق ونقل توقف المصنف في النهاية فيه ثم قال ولم نقف لغيرهم على قول بالنجاسة ثم قال ولا نص على نجاسة غير المسكر وهو منتف هنا واعترف في البيان بعدم النص عليه وذكر الشهيد الثاني ان نجاسته من المشاهير بغير أصل ونقل عن ابن أبي عقيل التصريح بطهارته ويمكن ترجيحه للأصل والعمومات التي أشرنا إليه مرارا واما التحريم فلا خلاف فيه بين الأصحاب وهل يلحق به عصير الزبيب إذا غلا في النجاسة لا اعلم بذلك قائلا واما في التحريم فالأكثر على عدمه فيحل طبيخ الزبيب له ذهاب ثلثيه بالشمس غالبا وخروجه عن مسمى العنب وقيل بتحريمه وهو المنقول عن بعض المتقدمين ونقله الشهيد في الدروس عن بعض معاصريه والأول أقرب ويدل عليه مضافا إلى الأصل الآيات الدالة على حصر المحرمات كقوله تعالى قل لا أجد فيما اوحى إلي محرما على طاعم يطعمه الا ان يكون ميتة أو دما مسفوحا الآية وقوله انما حرم عليكم الميتة والدم الآية وغيرهما خرج عنه العصير العنبي بالاجماع فيبقى غيره داخلا في العموم والآيات الدالة على حل الطيبات فان الظاهر أن الطيب ما لا يستقذره النفوس وقول الصادق عليه السلام كل شئ مطلق حتى يرد فيه نهي وقول الصادق عليه السلام في صحيحة محمد بن مسلم انما الحرام ما حرم الله عز وجل في القرآن وقوله عليه السلام في صحيحة محمد بن مسلم ليس الحرام الا ما حرم الله في كتابه ثم قال اقرأ هذه الآية قل لا أجد الآية فان قلت قد روى عبد الله بن سنان في الصحيح عن أبي عبد الله عليه السلام قال كل عصير اصابته النار فهو حرام حتى يذهب ثلثاه ويبقى ثلثه وروى حماد بن عثمان في الصحيح عن أبي عبد الله قال لا يحرم العصير حتى يغلى وروى حماد بن عثمان أيضا في الصحيح عن أبي عبد الله عليه السلام قال سألته عن شرب العصير قال يشرب ما لم يغل فإذا غلا فلا تشربه قال قلت جعلت فداك اي شئ الغليان قال القلب وروى ذريح في الموثق قال سمعت أبا عبد الله يقول إذا نش العصير أو غلا حرم إلى غير ذلك من الاخبار وهذه الأخبار تدل على تحريم كل عصير عند الغليان ولا يختص بالعصير العنبي إذ الظاهر من كلام أهل اللغة والعرف عدم الاختصاص خرج عنه ما حل بالاجماع فيبقى عصير الزبيب والتمر تحت عموم التحريم قلت يحصل الظن بعد تتبع الأحاديث وكلام الأصحاب بشيوع استعمال العصير فيما يختص بالعنب ويؤيد ذلك ما قال ابن بابويه في الفقيه ولها يعنى الخمرة خمسة أسامي العصير وهو من الكرم والنقيع وهو من الزبيب إلى اخر ما ذكره وتؤيد ذلك صحيحة عبد الرحمن بن الحجاج السابقة وما في معناه وإذا كان كذلك تعين حمل العصير في تلك الأخبار عليه وإن كان مجازا حذرا عن ارتكاب التخصيص البعيد الذي قد منع صحته جماعة من الأصوليين فان صدور مثل هذه الكلية منهم عليهم السلام مع خروج أكثر افراد الموضوع بعيد جدا والعموم في الاخبار الثلاثة الأخيرة غير صريح بل حمل المفرد المعرف باللام على الافراد السابقة التي يتبادر إليه الأذهان غير بعيد وقد فصلنا الكلام فيه مرارا ويمكن النزاع في دلالة الخبر الثاني باعتبار النزاع في عموم الغاية وبالجملة ارتكاب ما ذكرنا في هذه الأخبار أهون من حملها على العموم وارتكاب التخصيص المذكور فيهما وفي عمومات الآيات والاخبار المذكورة احتج القائل بالتحريم برواية علي بن جعفر عن أخيه أبي الحسن عليه السلام قال سألته عن الزبيب هل يصلح ان يطبخ حتى يخرج طعمه ثم يؤخذ ذلك الماء فيطبخ حتى يذهب ثلثاه ويبقى الثلث ثم يوضع ويشرب منه السنة قال لا باس به والجواب ان الرواية ضعيفة لوجود سهل بن زياد في الطريق وان المفهوم ضعيف في مقابلة ما ذكرنا خصوصا إذا كان مفهوم كلام السائل على أن مفهومه وجود الباس عند عدم ذهاب الثلثين وفي دلالته على التحريم نظر واعلم أن في الكافي في باب صفة الشراب الحلال بعض الأخبار الموهمة للتحريم لكن لا دلالة له عليه عند التأمل الصحيح فارجع وتدبر واما عصير التمر فقد اختلف في حله وقد يستدل على التحريم بموثقة عمار عن أبي عبد الله عليه السلام سئل عن النضوح المعتق كيف يصنع به حتى يحل قال خذ ماء التمر فاغله حتى يذهب ثلثا ماء التمر وفي دلالته على المطلوب نظر وانما تعرضنا في هذا المقام لبعض هذه المسائل مع أنه لم يكن موقعه لعموم البلوى به وكثرة الاحتياج إليه والفقاع نقل ابن زهرة والمصنف اجماع الأصحاب عليه ونقل المحقق عن الشيخ أنه قال الحق أصحابنا الفقاع بالخمر يعني في التنجيس وهذا انفراد للطائفة ويدل عليه مضافا إلى الاجماع المنقول قول أبي الحسن عليه السلام في جواب مكاتبة ابن فضال هو الخمر وفيه حد شارب الخمر وقول أبي عبد الله عليه السلام في موثقة عمار هو خمر وقول أبي الحسن الرضا عليه السلام في رواية سليمان بن جعفر هو خمر مجهول وما كتب الرضا عليه السلام في حسنة الوشا حرام وهو خمر وفي بعض الروايات هو خمر مجهول وفيه حد شارب الخمر وفي بعضها هي الخمرة بعينها وفي بعضها لا تقربه فإنه من الخمر ولا يخفى انه وان أمكن ايراد النظر السابق هيهنا لكن الانصاف ان من هذه الأخبار يستفاد انه مثل الخمر في جميع الأحكام وتؤيده رواية أبي جميل البصري قال كنت مع يونس بن عبد الرحمن ببغداد وانا أمشي معه في السوق ففتح صاحب الفقاع فقاعه فأصاب يونس فرأيته قد اغتم لذلك حتى زالت الشمس فقلت له الا تصلي فقال ليس أريد ان أصلي حتى ارجع إلى البيت واغسل هذا الخمر من ثوبي قال فقلت هذا رأيك أو شئ ترويه فقال اخبرني هشام بن الحكم انه سئل أبا عبد الله عليه السلام عن الفقاع فقال لا تشربه فإنه خمر مجهول وإذا أصاب ثوبك فاغسله وينبغي لنا ان يلحق بهذا المقام مباحث الأول: حرم ابنا بابويه الصلاة في ثوب عرق فيه الجنب من الحرام وأوجب المفيد غسله وكذا الشيخ وابن الجنيد وابن البراج على ما حكى عنهم وقال ابن زهرة الحق أصحابنا بالنجاسات عرق الجنب من حرام وذهب سلار وابن إدريس والفاضلان وعامة المتأخرين إلى القول بالطهارة ونقل ابن إدريس عن المفيد انه رجع إلى القول بالطهارة في رسالته إلى ولده وهو أقرب لنا مضافا إلى الأصل ما رواه الشيخ في الحسن عن أبي أسامة قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الجنب يعرق في ثوبه أو يغتسل فيعانق امرأته ويضاجعها وهي حائض أو جنب فيصيب جسده من عرقها قال هذا كله ليس بشئ وما رواه عن أبي بصير قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن القميص يعرق فيه الرجل وهو جنب حتى يبتل القميص فقال لا باس وان أحب ان يرشه بالماء فليفعل إلى غير ذلك من الروايات احتج الشيخ في الخلاف باجماع الفرقة وطريقة الاحتياط والاخبار ولم يتعرض لنقلها بل أحالها إلى كتابي الحديث والموجود في كتابي الحديث مما يناسبه فيما اعلم روايتان أحدهما صحيحة الحلبي قال قلت لأبي عبد الله عليه السلام رجل أجنب في ثوبه وليس معه ثوب غيره قال يصلي فيه وإذا وجد الماء غسله وأولها الشيخ بوجهين أحدهما ان يكون المراد ما إذا عرق فيه الجنب من حرام الثاني ان يكون المراد ما إذا أصاب الثوب نجاسة وجعل هذا الاحتمال في الاستبصار أشبه وهو حسن الثاني رواية أبي بصير قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الثوب يجنب فيه الرجل ويعرق فيه فقال إما انا فلا أحب ان أنام فيه وإن كان الشتاء فلا باس ما لم يعرق فيه قال الشيخ الوجه في هذا الخبر ضرب من الكراهة ويمكن ان يكون محمولا على أنه إذا كانت الجنابة من حرام والجواب انا لا نسلم الاجماع وقد قدح فيه المحقق وتردد الشيخ في المبسوط ونسب الشهيد إليه انه قوى الكراهة ورجع المفيد إلى القول بالطهارة فلعل الاجماع المنقول في كلام الشيخ وغيره محمول في الغالب على الشهرة واما طريقة الاحتياط فلا يخفى ضعف التمسك به واما الخبران فلا دلالة لهما على المدعا فان الظاهر من الخبر الأول كون المقتضى لغسل الثوب هو إصابة المني ومن الخبر الثاني ان المقتضى للتنزه احتمال سريان النجاسة الحاصلة بالمني مع عدم دلالته على وجوب الاجتناب مع أن قوله عليه السلام إما انا فلا أحب ان أنام فيه يأبى عن الحمل على إرادة الجنب من حرام ولا يخفى انه ذكر الشهيد في الذكرى بعد أن حكى عن المبسوط نسبة الحكم بالنجاسة إلى رواية الأصحاب ولعله ما رواه محمد بن همام باسناده إلى إدريس بن يزداد الكفرثوثي انه كان يقول بالوقف فدخل سر من رأى في عهد أبي الحسن عليه السلام وأراد ان يسأله عن الثوب الذي يعرق فيه الجنب أيصلي فيه فبينما هو قائم في طاق باب لانتظاره عليه السلام حركه أبو الحسن عليه السلام بمقرعة وقال مبتدئا إن كان من حلال فصل فيه وإن كان من حرام فلا تصل فيه وروى الكليني باسناده إلى الرضا عليه السلام في الحمام يغتسل فيه الجنب من الحرام وعن أبي الحسن عليه السلام لا يغتسل من غسالته فإنه يغتسل فيه من الزنا انتهى كلامه ولم يتعرض لهذه الروايات في هذا المقام غيره والروايتان الأخيرتان مع عدم صراحتهما (في المدعى) ضعيفتا السند واما الأولى فلم اطلع عليها في كتب الحديث المشهورة وحال سندها غير واضح والظاهر عدم الصحة ومع ذلك كله ينبغي ان لا يترك الاحتياط في أمثال هذه المقامات الثاني: ذهب الشيخان إلى نجاسة عرق الإبل الجلالة وهو المحكي عن ابن البراج ونسبه ابن زهرة إلى أصحابنا وذهب سلار وابن إدريس وجمهور المتأخرين إلى الطهارة واختاره المصنف ونسبه إلى الأكثر حجة الأول صحيحة هشام بن سالم عن أبي عبد الله عليه السلام قال لا تأكلوا لحوم الإبل الجلالة وان أصابك من عرقها فاغسله
(١٥٥)