ذلك بأن المزيل لابد ان يكون مستوليا على النجاسة والمثل لا يكون مستوليا على البلل المماثل فلا يجزى المثلان منفصلين وذكر بعض المتأخرين انه يمكن اعتبار المماثلة بين الماء المغسول به وبين القطرة المختلقة على الحشفة بعد خروج البول فان تلك القطرة يمكن اجراؤها على المخرج وأغلبيتها على البلل الذي يكون على حواشيه وقيل إن المراد الغسلة الواحدة لاشتراط الغلبة في المطهر وهو لا يحصل بالمثل وشيخنا الشهيد في الذكرى اعتبر الفضل بين المثلين مع أنه اكتفى في تحقق المرتين في غير الاستنجاء بالانفصال التقديري ووجهه المدقق الشيخ على بان اعتبار ذلك لتعدد الغسل حق لا لان التعدد لا يتحقق الا بذلك بل لان التعدد المطلوب بالمثلين لا يوجد بدون ذلك لان ورود المثلين دفعة واحدة غسلة واحدة ولو غسله بأكثر من المثلين بحيث يتراخى اجزاء الغسل بعضها عن بعض في الزمان لم يشترط الفضل والأقرب على القول بوجوب الغسل مرتين اعتبار الانفصال الحقيقي ليصدق التعدد عرفا فيحصل الامتثال القول الثاني انه لا يتقدر ما يحصل به الإزالة بقدر بل تحصل الطهارة بما سمى غسلا واليه ذهب أبو الصلاح قال المصنف وهو الظاهر من كلام ابن البراج ويقوى هذا المذهب اطلاق الروايات وما رواه الكليني والشيخ عنه عن ابن المغيرة في الحسن بإبراهيم بن هاشم عن أبي الحسن عليه السلام قال قلت له للاستنجاء حد قال لا حتى ينقى ما ثمة قلت فإنه ينقى ما ثمة وينقى الريح قال الريح لا ينظر إليها وموثقة يونس بن يعقوب السابقة عن قريب وبعض الروايات تدل على وجوب غسل البول مرتين كرواية الحسين بن أبي العلا في الحسن عن أبي عبد الله عليه السلام قال سألته عن البول يصيب الجسد قال صب عليه الماء مرتين فإنما هو ماء ورواية أبى اسحق النحوي في الحسن عنه عليه السلام قال سألته عن البول يصيب الجسد قال صب عليه الماء مرتين اوردهما الشيخ ويؤيده ان المستفاد من ظاهر كلام المحقق نقل الاجماع على وجوب غسل البول عن الثوب والجسد مرتين حيث نسب ذلك إلى علمائنا في مبحث النجاسات ولقائل أن يقول خبرا ابن المغيرة ويونس بن يعقوب خاصان بالاستنجاء فيخص بهما عموم هذين الخبرين بما عدا الاستنجاء مع أن المتبادر المنساق إلى الذهن منهما ما عدا الاستنجاء على أن حملهما على الاستحباب غير بعيد ولمن يقتصر في الاحتجاج على الصحاح أن يقول اشتراك تلك الأخبار جميعا في عدم الصحة ووقع التعارض بينهما فيلزم العدول عنها إلى مقتضى الأخبار الصحيحة وهو الاكتفاء بالمرة لاطلاق الأخبار الصحيحة الواردة في الاستنجاء وصحيحة عبد الرحمن بن الحجاج قال سألت أبا إبراهيم عليه السلام عن رجل يبول بالليل فيحسب ان البول اصابه ولا يستيقن فهل يجزيه ان يصب على ذكره إذا بال ولا ينتشف قال يغسل ما استبان انه اصابه وينضح ما شك فيه من سجده أو ثيابه واما اسناد كلام المحقق بنقل الاجماع فقد يقال انما استفيد من كلام المحقق اختصاص دعوى الاجماع بإزالة البول من غير محل الاستنجاء لأنه حكى في مبحث الاستنجاء عن أبي الصلاح أنه قال أقل ما يجزى ما أزال عين البول عن رأس فرجه ثم احتج الاعتبار مثلي ما على الحشفة بوجهين الأول رواية نشيط السابقة مؤيدة بما روى من أن البول إذا أصاب الجسد يصب عليه الماء مرتين الثاني ان غسل النجاسة بمثلها لا يحصل معه اليقين بغلبة المطهر على النجاسة ولا كذا لو غسل بمثليها وأشار بعد هذا إلى رواية نشيط المتضمنة للاكتفاء بالمثل وقال إنها مقطوعة السند فالعمل بالأولى ولا يخفى عليك ان الاجماع لو كان متحققا عنده هنا لكان أجدر بالذكر في الاحتجاج من الوجهين اللذين استدل بهما وهو حسن فظهر ان القول بجواز الاكتفاء بالغسل الموجب للنقاء قوى لكن العمل بالغسلتين أولي وأحوط لما فيه من الاستظهار والخروج من الخلاف والثلث أكمل لما رواه الشيخ عن زرارة في الصحيح قال كان يستنجى من البول ثلث مرات الحديث والمراد بوجوب غسل مخرج البول الوجوب من باب المقدمة لتوقف الصلاة الواجبة عليه فيكون واجبا موسعا يتضيق بتضيق وقت الصلاة وقول الشارح الفاضل المحقق واطلاق الوجوب قبل الوقت مجاز محل تأمل وقولهم لا معنى لوجوب الشرط قبل زمان المشروط وجوب ممنوع واعلم أنه ذكر المحقق في المعتبر والمصنف في المنتهى انه إذا لم يجد الماء لغسل مخرج البول أو تعذر استعماله لمانع كالجرح اجزا مسحه بما يزيل عين النجاسة كالحجر والخرق والكرسف وشبهه لأنه يجب إزالة عين النجاسة واثرها فإذا تعذرت إزالة الأثر تعينت إزالة العين و فيه نظر إذ لا دليل على وجوب إزالة النجاسة الا على الوجه المطهر وحيث تعذرت كان ايجاب التجفيف محتاجا إلى دليل ولم اطلع عليه نعم لو أن عدم التجفيف مقتضيا لتنجيس الثوب والبدن كان الحكم بوجوبه متجها ثم المصنف صرح بأنه لو وجد الماء بعد ذلك وجب عليه الغسل ولا يجتزى بالمسح المتقدم و قد ادعى صاحب المدارك الاجماع عليه وهو المرتبط بالأدلة السابقة لكن ظاهر كلام المحقق في المعتبر والشرائع خلافه ولعله غير مراد له وروى الشيخ عن ابن أبي عمير في الصحيح عن جنان بن سدير الثقة الواقفي قال سمعت رجلا يسال أبا عبد الله عليه السلام فقال انى ربما بلت فلا أقدر على الماء وربما يشد ذلك على فقال إذا بلت وتمسحت فامسح ذكرك بريقك فان وجدت شيئا فقل هذا من ذاك ورواه الكليني في الحسن عن حنان وعن سماعة في القوى قال قلت لأبي الحسن موسى عليه السلام انى أبول ثم أتمسح بالأحجار فيجيئ ما يفسد سراويلي قال ليس به باس ولابد من تأويلهما بما يوافق ما ذكرنا وفى الذكرى ان خبر حنان متروك وروى الشيخ عن العيص بن القاسم في الصحيح قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن رجل بال في موضع ليس فيه ماء يمسح ذكره الحجر وقد عرق ذكره وفخذاه قال يغسل ذكره وفخذيه وسألته عمن مسح ذكره بيده ثم عرقت يده فأصاب ثوبه يغسل ثوبه قال لا قال بعض الأصحاب ولعل المراد بعجز الخبر كون إصابة اليد بغير الموضع الذي حصل به المسح ومنشأ الشبهة المفنضية للسؤال احتمال سريان التنجيس لليد كلها بسبب رطوبة العرق وكذا يجب غسل مخرج الغائط وهو في اللغة ما انخفض من الأرض سمى الحدث المعلوم غائطا تسمية له باعتبار ما يقع فيه غالبا مع التعدي والظاهر أن المراد به في عبارات الأصحاب تعدى حواشي الدبر فإن لم يصل إلى الالية فيظهر من التذكرة نقل الاجماع على ذلك وكذا يفهم الاجماع من كلام الشارح الفاضل ولولا ذلك لم يبعد تفسيره بوصول النجاسة إلى محل لا يعتاد وصولها إليه ولا يصدق على ازالتها اسم الاستنجاء كما ذكره صاحب المدارك فان الدليل يساعد عليه وهذا الحكم مما نقل الاجماع عليه الشهيدان وقال في المعتبر انه مذهب أهل العلم واستدل عليه بروايتين عامتين كما صرح به بعض العلماء واحتج له المصنف في المنتهى بعموم الاخبار المتضمنة للامر بغسل مخرج الغائط موجها له بأنه ثبت جواز الاستجمار في غير المتعدى فيكون العام لم بحاله بالنسبة إلى المتعدى ولا يخفى ان الأخبار الدالة على الاكتفاء بالأحجار مطلقه من غير تفصيل بالمتعدى وغيره فإن لم يكن اجماع على الحكم المذكور كان للتأمل مجال نعم لو فسر التعدي بذلك المعنى الأخر صح بلا ريب حتى يزول العين والأثر المستفاد من الاخبار ان الواجب في الاستنجاء من الغائط هو الانقاء والتفصيل الذي ذكره المصنف من وجوب إزالة الأثر مع العين هنا والاكتفاء بالعين إذا كان المزيل حجرا موافقا للشيخ في المبسوط وجماعة من الأصحاب لم نطلع على رواية يذكر فيها هذا التفصيل واختلفوا في تفسير الأثر فقيل إنه الرسم الدال عليها وقيل هو اللون لأنه عرض لا يقوم بنفسه فلابد له من محل جوهري يقوم به وهو النجاسة إذ الانتقال على الاعراض محال فوجود اللون دليل على وجود العين فيجب ازالته ولا يلزم مثل ذلك في الرائحة لأنها قد تحصل بتكيف الهواء وفيه انه يجوز قيام اللون بالمحل الطاهر بالمجاورة
(١٧)