أو مبيحا للصلاة على القول بعدم حصول ذلك في مطلق الوضوء أم لا بل يعم الوضوء مطلقا فيه وجهان أقويهما الثاني فعلى الثاني ينعقد نذر الوضوء في زمان معين وان لم يكن محدثا فيه نعم يشترط صحته ومشروعيته فلا ينعقد نذره مع غسل الجنابة وما قيل من انعقاد نذر الوضوء دائما محل التأمل وعلى الأول فإن كان محدثا فالامر فيه واضح وإن كان متطهرا فالذي ذكره الشارح الفاضل انه لم يجب عليه الوضوء لامتناع تحصيل الحاصل ولا الحدث لعدم وجوب تحصيل شرط الواجب المشروط ويتوجه عليه المنازعة في كون الوضوء الرافع مستحبا مشروطا بل يقال إنه مستحب مطلق والحدث شرط لوجوده لا لاستحبابه على أن الوضوء مستحب مطلق والوضوء الرافع فرد منه فلو نذره وجب لكونه فردا للوضوء المطلق الراجح مطلقا ولا يشترط كون الفرد من حيث الخصوص راجحا حتى ينعقد نذره كما في الصلاة في موضع لا مزية ولابد لبيان الحق في هذا المقام وتحقيقه من تمهيد مقدمتين إحديهما ان المكلف إذا جمع بين مباح ومندوب مثلا في النذر وتعلق أعز منه بالمجموع من حيث هو مجموع أو بكل واحد واحد على سبيل الاستغراق بان يكون غرضا واحدا لا بكل واحد واحد على حده فالظاهر عدم انعقاد النذر وعلى القول باشتراط الرجحان في المنذور إما لأن عدم رجحان أحد الجزئين يستلزم عدم رجحان المجموع وهو واضح واما لان المجموع لا وجود له على حده حتى يتصف بالرجحان أو عدمه وثانيهما ان الاتيان بالوضوء الرافع للحدث في الحقيقة ليس الا الاتيان بالحدث في زمان سابق في الواقع والآتيان بالوضوء في زمان لاحق لان الوضوء الموصوف بهذا الوصف مسبب عن الامرين المذكورين والتكليف بالمسبب تكليف بأسبابه حقيقة على ما تبين في محله إذا عرفت هذا فاعلم أن المكلف إذا نذر الوضوء في زمان معين لم يكن محدثا فيه فمتعلق النذر حقيقة الحدث في زمان سابق في الواقع والوضوء في زمان لاحق له كما ذكر في المقدمة الثانية والحدث لا رجحان له لكونه مستلزما لتفويت الكون على طهارة في زمان ما وللأصل مع انتفاء الدليل على رجحانه فلا يكون للمجموع رجحان لا يقال الوضوء الرافع راجح وهو مما يتوقف على الحدث فيكون الحدث مصلحة راجحة لتوقف الامر الراجح عليه لأنا نقول لا رجحان لخصوص الوضوء الرافع من حيث إنه رافع فتوقفه على الحدث لا يقتضى رجحانه وذلك بناء على أن الرافعية خصوصية ملحقة بالوضوء إذا اتفق ان يكون بعد الحدث وانضمام هذا القيد إليه لا يوجب مزية رجحانه فما توقف هو عليه باعتبار هذه الخصوصية لا يكتسب رجحانا باعتبار وتوقفها عليه لان الموقوف عليه لخصوص الفرد الراجح لا يكون راجحا الا إذا كان للخصوصية رجحان الا ترى ان المشي إلى المواضع المكروهة مما يتوقف عليه الصلاة فيما وهي فرد لطبيعة الصلاة الراجحة مع أنه لا رجحان للمشي إلى تلك المواضع فاذن علم بما ذكرنا انه لا ينعقد النذر المذكور بحيث يجب عليه وضوء رافع ولو اتفقت المرأة حائضا في الوقت المعين في النذر وحضر وقت صلاة بنى على الوجهين واما الغسل فان قيده في نذره بأحد أسبابه انعقد وان اطلقه أوقعه على أحد تلك الأسباب وان قيام بزمان لم يوجد فيه شئ من أسبابه فيمكن ان يقال إن النذر باطل لان الوجوب العارض بسبب النذر تابع لرجحان المنذور في نفسه ولما كان رجحان المنذور هنا رجحانا مشروطا مقيدا بوجود السبب كان الواجب أيضا كذلك فإذا لم يتحقق السبب لم يكن هناك وجود بسبب النذر واصلا ويمكن ان يقال الغسل مثلا كغسل الجنابة راجح مطلقا وإن كان وجوده به ومشروط بوجود السبب وتقريبه ان غسل الجنابة مثلا مستتبع لثواب مترتب على فعله ولما كان مشروعيته متوقفة على وجود السبب كان وجود السبب من حيث كونه مستتبعا لمشروعيته غسل الجنابة المستتبع للثواب مصلحة راجحة ولكان مثل تحصيل النصاب لأجل الزكاة لكن هذا مبنى على عدم رجحان الغسل بدون السبب أو مزية ثواب ذي السبب على غيره والأول مما قد اختلف فيه والثاني مما أمكن النزاع فيه واما التيمم فلما مشروعيته مشروطة بعدم الماء أو عدم التمكن من استعماله كان ذلك شرطا في انعقاد نذره مع التعيين فإن لم يتفق ذلك بطل نذره ولم يجب عليه اتحاد السبب لما مر وان اطلق توقفه هذا مع تعيين إحدى الطهارات ومع الاطلاق فان قصد المعنى الشرعي توقف على ثبوته وتعيينه وان قصد المعنى الاصطلاحي بنى على تحقيق المعنى المنقول إليه اصطلاحا وقد اختلف فيه فمنهم من جعل الطهارة اسما لما يبيح العبادة من الأقسام الثلاثة دون إزالة الخبث ومنهم من اطلقها على إزالة الخبث أيضا وقد يقال ربما يظهر من كلام بعض المتقدمين اطلاقها على مطلق الثلاثة سواء كانت مبيحة أم لا والأكثرون على الأول وهل يحمل على المائية خاصة أو الترابية أو التخيير فيه أوجه منشؤها ان اطلاق الطهارة على الأقسام الثلاثة إما بطريق الاشتراك أو التواطؤ أو التشكيك أو الحقيقة والمجاز فعلى الأولين الثالث وكذا على الثالث على الأظهر ويحتمل انصرافه إلى الفرد الأقوى لأنه المتيقن والى الأضعف لأصالة البراءة من الزائد والاحتمالان ضعيفان وعلى الرابع الأول لان الأصل في الاطلاق الحقيقة النظر الثاني في أسباب الوضوء والمراد بالسبب هنا الوصف الدال على المخاطبة بالطهارة وجوبا أو ندبا ولو بالقوة لئلا يخرج حدث الصبى والمجنون والحائض لان التخلف لفقد الشرط أو وجود المانع لا يقدح في السببية والسبب أعم من الموجب لان الايجاب انما يكون عند المخاطبة بالواجب المشروط بالطهارة فيها يجب لغيره على المشهور أو عند وجوب السبب فيما يجب لنفسه الا ان يراد بالموجب أعم من أن يكون موجبا بالفعل أو يكون من شانه ذلك وهو خلاف المتبادر وكذا السبب أعم من الناقض لان النقض يقتضى سبق الطهارة فالتعبير عن الاحداث بالسبب أولي ومما ذكرنا علم أن الفرق بين الموجب والناقض عموم من وجه وكيفيته انما يجب الوضوء من البول والغائط والريح من الموضع المعتاد المراد به المخرج الطبيعي ووجوب الوضوء بهذه الأشياء مما لا خلاف فيه وتدل عليه الأخبار المستفيضة بل المتواترة وفى حكم المعتاد لو اتفق المخرج في غيره لا اعلم فيه خلافا وحكى المصنف في المنتهى الاجماع عليه والحق به الخارج من غير الطبيعي مع انسداده وظاهر المصنف في المنتهى دعوى الاجماع عليه وان لم ينسد الطبيعي فان صار الخروج معتاد فالمشهور بين المتأخرين النقض مطلقا ويظهر من المنتهى وجود الخلاف فيه واحتمل في النهاية عدم النقض به إذا خرج من فوق المعدة أو محاذيه وذهب الشيخ إلى نقض ما خرج من تحت المعدة دون ما فوقه من غير استفصال وذهب ابن إدريس إلى النقض مطلقا والمسألة عندي محل التردد واحتج الشيخ بالآية وبعدم تناول الاسم لما خرج مما فوق المعدة وهو ضعيف لان الآية تنصرف إلى المعنى المعهود المتعارف وعدم تناول الاسم ممنوع احتج ابن إدريس بالآية وهو أيضا ضعيف لما ذكرنا من انصرافها إلى المعهود المتعارف فان قلت قد روى الشيخ عن زرارة في الصحيح عن أبي عبد الله عليه السلام قال لا يوجب الوضوء الا من الغائط أو بول أو ضرطة أو فسوة تجد ريحها وهذا الخبر وما في معناه يدل على صحة قول ابن إدريس قلت ليس الناقض ذات الاحداث المذكورة بل وصف متعلق بها فينصرف إلى المعهود الغالب وهو خروجها على الوجه الطبيعي الشائع فان قلت قد دلت الأخبار الكثيرة على حصر الناقض فيما خرج من الطرفين الأسفلين أو الذكر أو الدبر وفيه دلالة على عدم حصول النقض بغير ذلك الا في مواضع الاجماع فما وجه التردد في المسألة قلت قد أشرنا سابقا إلى أن التصفح كاشف عن أن النظر في الاحكام المودعة في الأحاديث المنقولة عن أصحاب العصمة عليهم السلام انما هو مقصور على الشائع المتعارف لا على الفروض النادرة فلعل الحصر في الاخبار مبنى على ذلك فلا يعلم منها حكم الفروض المذكورة فيبقى حكمها في معرض الجهل والاشتباه فان قلت فاذن يرتفع حكم النقص عنها نظرا إلى أن الوضوء لا ينتقض الا باليقين بالحدث على
(١٢)