الموت تكف عن الرجل حتى اسائله فافاق الرجل فقال النبي صلى الله عليه وآله رأيت قال رأيت بياضا كثيرا وسوادا كثيرا قال فأيهم كان أقرب إليك منك فقال السواد فقال النبي صلى الله عليه وآله قل اللهم اغفر لي الكثير من معاصيك واقبل منى اليسير من طاعتك فقاله ثم أغمي عليه فقال يا ملك الموت خفف عنه حتى اسائله فافاق الرجل فقال ما رأيت فقال رأيت بياضا كثيرا وسوادا كثيرا قال فأيهما كان أقرب إليك فقال البياض فقال رسول الله صلى الله عليه وآله غفر الله لصاحبكم قال فقال أبو عبد الله عليه السلام إذا حضرتم ميتا فقولوا له هذا الكلام ليقوله وروى ابن بابويه مرسلا عن الصادق عليه السلام قال اعتقل لسان رجل من أهل المدينة على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله في مرضه الذي مات فيه فدخل عليه رسول الله صلى الله عليه وآله فقال له قل لا إله إلا الله فلم يقدر عليه فأعاد رسول الله صلى الله عليه وآله فلم يقدر عليه وعند رأس الرجل امرأة فقال لها هل لهذا الرجل أم فقالت نعم يا رسول الله انا امه فقال لها أفراضية أنت عنه أم لا فقالت بل ساخطة فقال صلى الله عليه وآله فانى أحب ان ترضى عنه فقالت قد رضيت عنه لرضاك يا رسول الله فقال له قل لا إله إلا الله فقال قل يا من يقبل اليسير ويعفوا عن الكثير اقبل منى اليسير واعف عنى الكثير انك أنت العفو الغفور فقالها فقال له ماذا ترى فقال ارى أسودين فدخلا على قال أعدها فأعادها فقال ما ترى فقال قد تباعدا عنى ودخل أبيضان وخرج الأسودان فما أراهما ودنا الأبيضان منى الان يأخذان بنفسي فمات من ساعته وروى عن رسول الله صلى الله عليه وآله لقنوا موتاكم لا إله إلا الله فان من كان اخر كلامه لا إله إلا الله دخل الجنة ويستحب توبة واستنابة لما يفهم من الاخبار من قبول التوبة وإن كان مخالفا إلى ذلك الوقت ويستحب ان يقرا عنده سورة والصافات صفا للرواية ونقله إلى مصلاه الذي يكثر الصلاة فيه أو عليه إذا تعسر عليه الموت واشتد به النزع لما رواه الكليني والشيخ عن عبد الله بن سنان في الصحيح عن أبي عبد الله عليه السلام قال إذا عسر على الميت موته ونزعه قرب إلى مصلاه الذي كان يصلى فيه وعن زرارة في الحسن بإبراهيم بن هاشم قال إذا أشد عليه النزع فضعه في مصلاه الذي كان يصلى فيه أو عليه وروى الكليني عن ليث المرادي عن أبي عبد الله عليه السلام قال قال إن أبا سعيد الخدري قد رزقه الله هذا الرأي وانه اشتد نزعه فقال احملوني إلى مصلاي فحملوه فلم يلبث ان هلك والتغميض لعينيه واطباق فيه بعد موته لما رواه الشيخ عن زرارة في الموثق بابن بكير قال ثقل ابن لجعفر وأبو جعفر جالس في ناحية فكان إذا دنا منه انسان قال لا تمسه فإنما يزداد ضعفا واضعف ما يكون في هذه الحال ومن مسه في هذه الحال أعان عليه فلما قضى الغلام أمر به فغض عيناه رشد لحياة ثم قال إن نجزع ما لم ينزل أمر الله فإذا نزل أمر الله فليس لنا الا التسليم ثم دعا بدهن فادهن واكتحل ودعا بطعام فاكل ومن معه ثم قال هذا هو الصبر الجميل ثم أمر به فغسل ولبس جبة خز ومطرف خز وعمامة خز وخرج فصلى عليه وعن أبي كهمش قال حضرت موتى إسماعيل وأبو عبد الله عليه السلام جالس عنده فلما حضره الموت شد لحيته وغمضه وغطى عليه الملحنة ثم أمر بتهنئة فلما فرغ من امره دعا بكفنه فكتب في حاشية الكفن إسماعيل يشهد ان لا إله إلا الله ومد يده إلى جنبيه وساقيه ان كانتا مقبضتين ذكره الأصحاب وقال في المعتبر لم اعلم على ذلك نقلا عن أهل البيت عليهم السلام ولعل ذلك ليكون أطوع للغاسل وأسهل للدرج وتغطيته بثوب لرواية أبى كهمش السابقة عن قريب والتعجيل أي تعجيل تجهيزه والظاهر أنه لا خلاف في استحباب تعجيل دفن الميت وقد روى الكليني عن جابر عن أبي جعفر عليه السلام قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله يا معشر الناس لا ألافين رجلا مات له ميت ليلا فانتظر به الصبح ولا رجلا مات له ميت نهارا فانتظر به الليل لا تنتظروا بموتاكم طلوع الشمس ولا غروبها عجلوا بهم إلى مضاجعهم يرحمكم الله قال الناس وأنت يا رسول الله يرحمك الله وعن السكوني عن أبي عبد الله عليه السلام قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله إذا مات الميت فلا يقبل الا في قبره واستحباب التعجيل عام لكل مؤمن الا المشتبه فينتظر به إلى أن يتحقق موته فان في دفنه إعانة على قتله وقد روى عن الكاظم عليه السلام ان أناسا دفنوا احياء ما ماتوا الا في قبورهم وقد ذكر من علاماته انخساف صدغيه ونيل انفه وامتداد جلده ووجهه وانخلاع كفه من ذراعه واسترخاء قدميه وتقلص أنثييه إلى فوق مع تدلى الجلدة وقال ابن الجنيد من علامته زوال النور من بياض العين وسوادها وذهاب النفس وذهاب البيض وعن جالينوس ان أسباب الاشتباه الاغماء ووجع القلب وافراط الرعب أو الغم أو الفرح أم الأذية المنجدرة فيستبرأ ببيض عروق بين الأنثيين أو عرق يلي الحالب والذكر بعد الغمز الشديد أو عرق في باطن الالية أو تحت اللسان أو في بطن المنخر وروى الكليني عن هشام بن الحكم في الحسن عن أبي الحسن عليه السلام في المصعوق والغريق قال ينتظر به ثلاثة أيام الا ان يتغير قبل ذلك وعن إسحاق بن عمار في الموثق قال سألته عن الغريق أيغتسل قال نعم ويستبرأ قلت وكيف يستبرأ قال يترك ثلاثة أيام قبل ان يدفن وكذلك أيضا صاحب الصاعقة فإنه ربما ظنوا انه مات ولم يمت وعن عمار في الموثق عن أبي عبد الله عليه السلام قال الغريق يحبس حتى يتغير ويعلم انه قد مات ثم يغسل و يكفن قال وسئل عن المصعوق فقال إذا صعق حبس يومين ثم يغسل ويكفن وروى الشيخ مثله عن إسحاق بن عمار عن الصادق وعن أبي إبراهيم عليه السلام ينبغي للغريق والمصعوق ان يتربص به ثلثا لا يدفن الا ان يجيئ منه ريح تدل على موته وروى الكليني والشيخ عنه عن إسماعيل بن عبد الخالق بأسناد فيه توقف عن أبي عبد الله عليه السلام خمس ينتظر بهم الا ان يتغيروا الغريق و المعصوق والمبطون والمهدوم والمدخن والظاهر أن التحديد باليومين والثلاثة في بعض تلك الأخبار مبنى على الغالب من حصول العلم بعد ذلك والضابط الانتظار إلى حصول العلم و يكره طرح الحديد على بطنه ذكر ذلك جماعة من الأصحاب منهم الشيخان وقال الشيخ سمعناه مذاكرة من الشيوخ رحمهم الله تعالى واحتج في الخلاف باجماع الفرقة وذكر المصنف وجماعة انه يكره غير الحديد أيضا وينقل عن ابن الجنيد خلاف في ذلك ويكره أيضا حضور الجنب والحائض عنده قال المحقق في المعتبر وبكراهة ذلك قال أهل العلم ويدل عليه ما رواه الشيخ عن يونس بن يعقوب عن أبي عبد الله عليه السلام قال لا تحضر الحائض الميت ولا الجنب عند التلقين ولا باس ان يليا غسله وعن علي بن أبي حمزة قال قلت لأبي الحسن عليه السلام المراة تقعد عند رأس المريض وهي حائض في حد الموت فقال لا باس ان تموضه وإذا خافوا عليه وقرب ذلك فلتتنح عنه قال المحقق والحديثان وإن كان ضعيف سندهما فان فتوى الفضلاء بكراهة ذلك والظاهر اختصاص الكراهة بزمان الاختصار إلى أن يتحقق الموت ويحتمل استمرار كراهة الحضور هل تزول بالتيمم عند تعذر الغسل فيه وجهان وهل تزول بانقطاع الدم قبل الغسل فيه وجهان أيضا ولعل زوال الكراهة في الصورتين أقرب واولى الناس بغسله أوليهم بميراثه والمراد من يرث أولي ممن لا يرث واحتجوا عليه بقوله تعالى وأولوا الأرحام بعضهم أولي ببعض وما رواه الشيخ عن عبد الله بن المغيرة باسنادين لا يبعد ان يكون صحيحا وعبد الله ممن أجمعت العصابة على تصحيح ما يصح عنهم عن غياث بن إبراهيم الرازي وهو مجهول عن جعفر عن أبيه عن علي عليهم السلام قال يغسل الميت أولي الناس به والرواية غير دالة على أن الأولوية على سبيل الوجوب بحيث يحرم على الغير فعله بدون اذن الولي ولا على أن المراد الأولوية في الميراث قال بعض المتأخرين ولا يبعد ان يراد أشد الناس علاقة واعلم أنه ذكر المصنف وغيره ان الرجال في كل مرتبة أولي من مراتب الإرث أولي من النساء في تلك المرتبة من غير فرق بين ان يكون الميت رجلا أو امرأة وذكروا ان الميت لو كان امرأة لا يمكن للولي لذكر مباشرة تغسيلها اذن للمماثل فلا يصح بدون ذلك وقيل باختصاص الحكم بالرجال واما النساء فالنساء أولي بغسلهن ومستنده غير ظاهر نعم لو قيل باختصاص الحكم بالرجال واما النساء فلا أولوية للرجال في تغسيلهن لم يكن بعيدا لاختصاص الرواية المذكورة التي هي الأصل في هذه المسألة بمن يمكن مباشرة الغسل له فيجب الرجوع في غيره إلى مقتضى الأصل والعمومات وذكر غير واحد من الأصحاب انه مع فقد الولي أو امتناعه يعتبر اذن الامام ثم الحاكم ومستنده غير واضح والزوج أولي بزوجته من جميع أقاربها في كل احكام الميت لما رواه الشيخ عن إسحاق بن عمار عن أبي عبد الله عليه السلام قال الزوج أحق بالمراة حتى يضعها في قبرها قال في المعتبران مضمون الرواية متفق عليه فعلى هذا لا ينافي العمل بها معارضة صحيحة حفص بن البختري وغيرها وسيجيئ لهذا زيادة تحقيق في كتاب الصلاة ولا فرق في الحكم المذكور بين الدائمة والمنقطعة لاطلاق الدليل ويشترط المماثلة بين الغاسل والمغسول في الذكورة والأنوثة اختيارا فيجب ان يغسل كل من الرجل والمراة مثله وقد حكى الاتفاق على ذلك واستثنى من ذلك مواضع منها ما أشار إليه المصنف بقوله ويجوز لكل من الزوجين تغسيل الأخر اختيارا اختلف الأصحاب في تغسيل كل من الزوجين الأخر فذهب الأكثر إلى جواز ذلك اختيارا فمنهم من لم يشترط كون التغسيل من وراء الثياب وهو المنقول عن السيد المرتضى في شرح الرسالة وابن الجنيد والجعفي وظاهر الشيخ في الخلاف والمبسوط ومنهم من اشترط ذلك وهو المنقول عن الشيخ في النهاية وابن زهرة واختاره غير واحد من المتأخرين وذهب الشيخ في كتابي الاخبار إلى اختصاص ذلك بحال الاضطرار والأقرب الأول لما رواه الشيخ والكليني عن منصور بن حازم في الصحيح
(٨١)