الثالث ما رواه الشيخ في الصحيح إلى عبد الله بن يحيى الكاهلي وهو ممدوح عن الصادق عليه السلام في المراة يجامعها الرجل فتحيض وهو في المغتسل هل تغتسل قال قد جائها ما يفسد الصلاة فلا تغتسل علل عليه السلام عدم الغسل بمجئ ما يفسد الصلاة عاطفا بقا التفريع فدل بطريق الايماء على أن وجوب الغسل انما كان ناشئا عن وجوب الصلاة والا لزم عدم مطابقة الجواب للسؤال إذ لا يلزم من ابطال الصلاة ابطال الطهارة والمسؤول عنه انما هو فعل الغسل حال الحيض فالجواب عنه بمجئ مفسد الصوم لو لم يرد ما قلناه لم يكن مطابقا للسؤال سيما والإمام عليه السلام قد علم من قول السائل بمجئ المفسد لها والجواب عنه انه يجوز ان لا يكون وجوب الغسل الا في وقت يصح ارتفاع الحدث فحيث لم يصح ذلك لم يجب الغسل فأشار عليه السلام بقوله قد جاءها ما يفسد الصلاة إلى أن حدثها لا يرتفع حينئذ فلا يجب عليه الغسل وأيضا يمكن ان يكون غرض السائل انه هل يجب عليها الغسل في وقت الحيض أو في ذلك الوقت الذي هي في المغتسل على أن يكون الظرف قيدا للغسل فأجاب عليه السلام بقوله المذكور إشارة إلى أن الغسل انما يتضيق وجوبه بتضيق الصلاة فلا يجب عليها في ذلك الوقت لعدم تضيق الصلاة ويؤيد ذلك رواية عمار الساباطي في الموثق عن أبي عبد الله عليه السلام قال سألته عن المراة يواقعها زوجها ثم تحيض قبل ان يغتسل قال إن شاءت ان تغتسل فقلت وان لم تفعل ليس عليها شئ فإذا طهرت اغتسلت غسلا واحدا للحيض والجنابة وبالجملة صحة التعليل انما يكون بناء على مقدمة خارجية وكما يمكن أن تكون تلك المقدمة ما ذكرتم يمكن أن تكون ما ذكرنا على أنه لو سلم ان هذا خلاف الظاهر لكن يجب ارتكابه جمعا بين الأدلة ولهم وجوه أخر ضعيفة جدا ذكرها المصنف في المنتهى ويدل على وجوب الغسل لنفسه ما رواه الشيخ عن محمد بن مسلم في الصحيح عن أحدهما عليهما السلام قال سألته متى يجب الغسل على الرجل والمراة فقال إذا دخله فقد وجب الغسل والمهر والرجم والاستدلال ان السائل سال عن وقت الوجوب وزمانه فأجاب عليه السلام بوقت الالتقاء وهو أعم من أن يكون زمانا لوجوب الغاية أم لا وأيضا يستفاد منه الا ان الادخال سبب تام لوجوب الغسل ولو كان الغسل واجبا لغيره يلزم ان لا يكون كذلك فإنه إذا لم يبق المكلف إلى زمان وجوب الغاية بشرائط التكليف مع حصول الادخال سابقا على ذلك يلزم ان لا يكون الغسل واجبا عليه مع حصول الادخال وأيضا لو ادخل واغتسل قبل الوقت مندوبا ثم دخل الوقت لم يجب عليه الغسل فلم يكن الادخال علة لوجوب الغسل وحمله على أن المراد إذا ادخله فقد وجب الغسل بشرط وجوب الغاية مع عدم هذا التقييد في المعطوف عليه بعيد جدا ويحتاج إلى تقييد أو تخصيص اخر وذلك لان الغسل انما يجب في زمان الغاية إذا لم يفعل سابقا فإذا خصص الوجوب بزمان الغاية يلزم تقييد أو تخصيص اخر وما رواه الشيخ عن محمد بن إسماعيل في الصحة قال سألت الرضا عليه السلام عن الرجل يجامع المراة قريبا من الفرج فلا ينزلان متى يجب الغسل فقال إذا التقى الختانان وجب الغسل وقوله صلى الله عليه وآله الماء من الماء وقول علي عليه السلام انما الغسل من الماء الأكبر وقول أبى الحسن عليه السلام في صحيحة علي بن يقطين إذا وضع الختان وجب الغسل وصحيحة الحلبي قال سألت أبا عبد الله عليه السلام افعلى المفخذ غسل قال نعم إذا انزل إلى غير ذلك من الأخبار الكثيرة الموافقة لها يدل عليه قول علي عليه السلام في قضية المهاجرين والأنصار أتوجبون عليه الحد والرجم ولا توجبون عليه صاعا من ماء قال الفاضل الشارح وما ذكر من الأخبار الدالة على أن وجوبه معلق على الالتقاء والماء ونحوهما غير مقيد باشتراط وجوب عبادة مشروطة بالغسل معارض بالأوامر الدالة على وجوب الوضوء وباقي الأغسال غير مقيدة بالصلاة كقول النبي صلى الله عليه وآله من نام فليتوضأ ونقل اخبارا اخر من هذا القليل ثم قال وكالحكم بوجوب غسل الثوب والبدن والاناء من النجاسة مع الاتفاق على أن المراد بذلك الوجوب المشروط وما أجاب عن ذلك فهو الجواب عما احتج به لغسل الجنابة قال في الذكرى أو الأصل فيه انه لما كثر علم الاشتراط اطلق الوجوب وغلب الاستعمال فلا يردان تقييد تلك الأخبار ليس بأولى من تقييد مفهوم خير زرارة المتقدم ونحوه بما عدا غسل الجنابة فان المرجح فيه أصالة براءة الذمة من الطهارة عند الخلو من مشروط بها مضافا إلى ما ذكر من المعارضة انتهى وفيه نظرا ما أولا فلان العدول عن الظاهر في بعض الموارد للاجماع أو دليل اخر لا يوجب انسحاب ذلك في غيره واما ثانيا فلانا لا نسلم ان وجوب الوضوء وباقي الأغسال مشروط بالغاية وقد مر ذلك واما ثالثا فقول الشهيد رحمه الله محل التأمل لأنا لا نسلم كثره علم الاشتراط ومن أين علم ذلك وكثر وقد عرفت ضعف أدلة ذلك واما رابعا فلانه لو سلم خبر زرارة في مدعاهم لكن ارتكاب التأويل فيه أولي لان ارتكاب التأويل في خبر واحد أولي من ارتكابه في الأخبار الكثيرة المستفيضة مع أن المنطوق راجح على المفهوم وان مفهوم خبر زرارة لا يصح على عمومه بالاتفاق كما عرفت ومما يؤيد وجوب الغسل لنفسه ما رواه الشيخ صحيحة عن عبد الرحمن أبى عبد الله في الصحيح قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الرجل يواقع أهله أيتام على ذلك قال إن الله يتوفى الأنفس في منامها ولا يدرى ما يطرقه من البلية إذا فرغ فليغتسل واعلم أن القائلين بوجوب الغسل لغيره صرحوا بان الغسل قبل دخول زمان وجوب الغاية مندوب وحينئذ يرد عليهم الغسل لأجل الصوم الا ان يخصوا بما عداه كما ذكره بعضهم ويرد عليهم أيضا ان الصلاة مشروطة بالغسل وما لا يتم الواجب المطلق الا به فهو واجب فيكون الغسل المتوقف عليه واجبا وظاهر ان الموقوف عليه للصلاة ليس الغسل في وقت الصلاة بل يحصل بالغسل الكائن قبل زمان الصلاة فيكون كلا الامرين فردا للواجب فيكون الغسل قبل الوقت واجبا وعلم من ذلك أن المكلف إذا علم وجوب الغاية في وقتها وحينئذ اغتسل قبل الوقت بينة الوجوب بالمعنى المصطلح صح غسله وان قلنا بان الغسل واجب لغيره كما جوزه بعض أفاضل الشارحين وان قلنا بعدم اعتبار الوجه أو قلنا باعتباره لكن قلنا قصد الوجوب غير ضار في المندوب وكما اختاره الشهيد رحمه الله زال الاشكال وكذا لو قصد الوجوب الشرطي أو المعنى الأعم وقد ظهر مما تلونا عليك في هذا المبحث ان القول بوجوب غسل الجنابة لنفسه قوى والظاهر أن له وجوبان أحدهما لنفسه والاخر من حيث كونه مقدمة للواجب ولهذا يتضيق بتضيق الغاية ويتسع بسعته فلا يكون هذا دليلا على عدم كونه واجبا لنفسه؟؟؟؟ به بعضهم ولو لم يجب نية الوجه ضعف فائدة هذه المسألة وتجب فيه النية وقد فصل تحقيق ذلك في الوضوء واستدلال من أوجب نية الاستباحة بالآية هيهنا أضعف ونقل عن جمع من المتأخرين ان دائم الحدث كالمستحاضة يقتصر على نية الاستباحة وانه لا يصح منه نية الرفع لاستمرار الحدث فارقا بينهما بان الاستباحة عبارة عن رفع المنع بخلاف رفع الحدث فان معناه رفع المانع وهو مستمر ولهذا وجب عليه تجديد الوضوء لكل صلاة وفيه نظر لأن الظاهر أن الحدث الذي يمكن رفعه الحالة المعنوية التي لا يصح معها الدخول في العبادة فمتى صح للمكلف الدخول في الصلاة ارتفع عنه تلك الحالة غاية الأمران زوالها قد يتجدد يتحدد يتغيى بغاية كالمتيمم ودائم الحدث فالقول بجواز نية رفع الحدث مطلقا كما هو المنقول عن شيخنا الشهيد في بعض تحقيقاته لا يخلو عن قوة والمبطون والسلس كالصحيح بالنسبة إلى الغسل ان قلنا بان الحدث المتخلل غير مبطل وعلى القول بالابطال يحتمل الصحة هنا للضرورة وهل يجتزى بالغسل في الصلاة الواحدة من غير وضوء فيها وجهان ناشئان من الحاقه بالوضوء وعدم النص والأخير أقرب عند الشروع في مستحبات الغسل كغسل اليدين والمضمضة والا الاستنشاق أو واجباته كأول جزء من الرأس في الترتيبي وجزء من البدن في الارتماسي وقد تقدم تفصيله في الوضوء استدامة الحكم بالمعنى الذي حققناه في مبحث الوضوء حتى يفرغ من الغسل فلو نوى في الأثناء منافيا بطلت النية الأولى فان عاد أعادها وصح الغسل ان لم يطل الفصل بحيث يخل بالموالاة أو طال ولم يكن الغسل مما يشترط فيه الموالاة والا أعاد الغسل ولو أخل بالموالاة فيما لا يعتبر فيه كالجنابة ثم عاد إلى الباقي لم يفتقر إلى نية مستأنفة على ما هو الظاهر من اطلاقاتهم وأوجب المصنف في النهاية على ما حكى عنه تجديد النية متى اخر بما يعتد به ليتميز عن غيره وتبعه في الذكرى مع طول الزمان وغسل بشرة جميع الجسد بأقله أي بأقل الغسل وهو ما اشتمل على الجريان تحقيقا لمسمى الغسل قال في المعتبر الغسل اسم لاجراء الماء على المحل ذكر ذلك علم الهدى في المصباح فقال إنه يجزى في الضوء ما جرى مثل الدهن الا انه لابد ان يكون مما يتناوله اسم الغسل والمسح ولا ينتهى في القلة إلى ما يسلب الاسم وما قاله السيد حسن لأنه لو اقتصر عن مسمى الغسل لما تحقق الامتثال ويؤيد ما ذكرناه ما رواه يعقوب بن عمار عن أبي عبد الله عليه السلام عن أبيه ان عليا عليه السلام كان يقول الغسل من الجنابة والوضوء يجزى منه ما اجرى مثل الدهن الذي يبل الجسد انتهى ويؤيده قوله أحدهما عليهم السلام في صحيحة محمد وقد سئل عن الجنابة فما جرى الماء عليه فقد طهره وقوله عليه السلام في صحيحة زرارة فما جرى عليه الماء فقد اجزاه وقول أبى جعفر عليه السلام في صحيحة زرارة الجنب ما جرى عليه الماء من جسده قليله وكثيره فقد اجزاء وما ورد باجزاء مثل الدهن فإنه محمول على ما يحصل معه الجريان ومما يدل عليه الامر بإفاضة الماء في كثير من الاخبار والمراد بالبشرة
(٥٥)