خبر أبي بصير حتى يبس وضوئك جفاف جميع الوضوء واحتج عليه في المعتبر باتفاق الأصحاب على أن الناسي للمسح يأخذ من شعر لحيته وأجفانه ان لم يبق في يده نداوة ويضعف باحتمال اختصاص ذلك بالناسي أو ان الجفاف للضرورة غير مبطل الثاني لو والى وضوءه فاتفق الجفاف لم يقدح ذلك في صحة الوضوء لاطلاق الآية والاخبار واختصاص الاخبار المتضمنة للبطلان بصورة الجفاف الحاصل بترك المتابعة والتفريق وذكر الشهيد في الذكرى ان الأخبار الكثيرة تدل على خلاف ذلك ولم نطلع عليها الثالث مقتضى الأدلة الاعتبار بالبلل والجفاف الحسى لا التقديري فلو كان في الهواء رطوبة زائدة أو أكثر في ماء الوضوء بحيث لو اعتدل شئ منهما لم يجف لم يضر وفى عبارات كثير من الأصحاب التقييد باعتدال الهواء ولعل الغرض منه اخراج الهواء الحار جدا كما ذكر الشهيد رحمه الله لاغتفار الجفاف حينئذ الرابع لو تعذر المسح بالبلل للضرورة جاز الاستيناف لصدق الامتثال ونفى الحرج واختصاص وجوب المسح بالبلل بحالة الامكان قال الشهيد رحمه الله ولو أمكن غمس العضو أو اسباغ الوضوء المتأخر وجب ولم يستأنف وهو حسن على القول بتحريم الاستيناف وذو الجبيرة على عضو كسير من أعضاء الوضوء والجبيرة العيدان التي يجبر بها العظام قال بعض العلماء والفقهاء يطلقونها على ما يشد به القروح والجروح أيضا ويساوون بينهما في الاحكام ينزعها ان أمكن وكانت على محل المسح يشترط طهارة العضو أو امكان التطهير لوجوب الصاق الماسح بالممسوح وإن كانت على محل الغسل وأمكن النزع والغسل من غير نجاسة تخير بين ان ينزعها أو تكرار الماء عليها حتى يصل إلى البشرة ويجرى عليها على الوجه المعتبر شرعا ويشترط في ذلك طهارة المحل وامكان الاجراء عليه على وجه التطهير ويجب ايصال الماء إلى البشرة ان لم يمكن النزع وأمكن وضع العضو في الماء بحيث يصل الماء إلى البشرة على الوجه المعتبر شرعا على المشهور بين المتأخرين ويمكن ان يعلل بان اجراء الماء على العضو عند المكنة واجب بمقتضى عموم الأدلة ويمكن المنازعة فيه باحتمال ان يقال الغسل المستفاد من الأدلة عرفا ما كان خاليا عن الحائل والا لزم جواز الاكتفاء به وان أمكن النزع والظاهر أنهم لا يقولون به الا ان يقال هذا مستثنى بالاجماع ويمكن الاستدلال عليه بما رواه الشيخ عن إسحاق بن عمار في الموثق عن أبي عبد الله عليه السلام في الرجل ينكسر ساعده أو موضع من مواضع الوضوء فلا يقدر ان يحله لحال الجبر إذا جبر كيف يصنع قال إذا أراد ان يتوضأ فليضع اناء فيه ماء ويضع الجبيرة في الماء حتى يصل الماء إلى جلده وقد اجزاه ذلك من غير أن يحله وهذا الاستدلال انما يتم بمعونة توقف اليقين بالبراءة من التكليف الثابت عليه نعم ان صح ان الغسل مختص بعدم الحائل يحصل التعارض بين هذا الخبر وبين صحيحتي عبد الرحمن الآتية والجمع بحمل هذا على الاستحباب متجه ويظهر من كلام الشيخ في التهذيب والاستبصار انه قائل بوجوب ذلك حيث حمل هذه الرواية فيهما على الاستحباب عند المكنة وعدم الضرر والا مسح عليها إن كان ظاهرها طاهرا أو أمكن تطهيرها قال الشيخ في الخلاف الجبائر والجراح والدماميل وغير ذلك إذا أمكن نزع ما عليها وغسل الموضع وجب ذلك أمكن نزع ما عليها فإن لم يتمكن من ذلك بان يخاف التلف أو الزيادة في العلة مسح عليها وتمم وضوءه وادعى عليه اجماع الفرقة وقال في المعتبر والجبائر ينزع ان أمكن والا مسح عليها ولو في موضع الغسل وهو مذهب الأصحاب وقريب منه عبارة المصنف في التذكرة وقال في المنتهى الجبائر تنزع مع المكنة والا مسح عليها واجزاء عن الغسل وكذا العصابة التي تعصب بها الجرح والكسر وهو مذهب علمائنا أجمع ويدل على الحكم المذكور في الجبائر ما رواه الشيخ في الصحيح إلى كليب الأسدي قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الرجل إذا كان كسيرا كيف يصنع بالصلاة قال إن كان يتخوف على نفسه فليمسح على جبائره وليصل ويمكن عد هذه الرواية من الحسان لان الكشي قد روى حديثا يدل على المدح في شأن كليب وله كتاب يرويه جماعة من أجلاء الأصحاب مثل صفوان وابن أبي عمير وهما من أعاظم الثقات ممن أجمعت العصابة على تصحيح ما يصح عنهم وصرح الشيخ في العدة بأنهما لا يرويان الا عن الثقات ففي روايتهما عن كليب دلالة على حسن حاله وسيجيئ لهذا زيادة توضيح في بعض المباحث الآتية وفى صحة الرواية المذكورة إلى فضالة الواقع في الطريق وهو ممن قيل إنه أجمعت العصابة على تصحيح ما يصح عنه اشعار ما بحسن هذه الرواية ومع هذا كله فعمل الأصحاب بمدلول هذه الرواية مما ينجبر سندها واما القروح فيدل على الحكم المذكور فيها ما رواه الكليني والشيخ عن الحلبي في الحسن بإبراهيم بن هاشم عن أبي عبد الله عليه السلام انه سئل عن الرجل يكون به القرحة في زراعه ونحو ذلك من موضع الوضوء فيعصبها بالخرقة ويتوضأ ويمسح عليها إذا توضأ فقال إن كان يؤذيه الماء فليمسح على الخرقة وإن كان لا يؤذيه الماء فلينزع الخرقة ثم ليغسلها قال وسألته عن الجرح كيف يصنع به في غسله قال اغسل ما حوله ويعارضه ما رواه الكليني باسنادين أحدهما من الصحاح عن عبد الرحمن بن الحجاج الثقة قال سألت أبا الحسن الرضا عليه السلام عن الكسر تكون عليه الجبائر أو تكون به الجراحة كيف يصنع بالوضوء وعند غسل الجنابة وغسل الجمعة قال يغسل ما وصل إليه الغسل مما ظهر مما ليس عليه الجبائر ويدع ما سوى ذلك مما لا يستطيع غسله ولا ينزع الجبائر ويعبث بجراحته ورواه الشيخ عن محمد بن يعقوب بأحد الاسنادين وهو الصحيح منهما واقتصر على أبى الحسن وروى الشيخ عن عبد الرحمن بن الحجاج في الصحيح قال سألت أبا إبراهيم عن الكسير تكون عليه الجبائر كيف يصنع بالوضوء وغسل الجنابة وغسل الجمعة قال يغسل ما وصل إليه مما ظهر مما ليس عليه الجبائر ويدع ما سوى ذلك مما لا يستطاع غسله ولا ينزع الجبائر ولا يعبث بجراحته ولا يخفى ان إعادة النفي في قوله ولا يعبث بجراحته يناسب زيادة الجرح في السؤال كما في الخبر السابق وعدم إعادة صرف النفي كما في الخبر السابق يناسب السؤال في هذا الخبر قال بعض الأصحاب ولولا التصريح باسم الرضا عليه السلام في الخبر السابق لاحتمل قويا ان يكون خبرا واحدا وحمل الشهيد رحمه الله قوله ويدع ما سوى ذلك على أنه يدع غسله وهذا لا ينافي وجوب المسح وهو خلاف الظاهر كما لا يخفى على المستأنس بسياق الأحاديث لكن لا محيص في مقام الجمع الا بارتكابه أو حمل معارضه على الاستحباب ويقوى الأول عمل الأصحاب والاجماع المنقول والثاني قرب التأويل وأولوية ابقاء الأقوى من الاخبار على ظاهره وضعف الاجماعات المنقولة كما سنشير إليه إشارة اجمالية في مبحث سبب الجنابة بل الظاهر من طريقه التخيير بين المسح والاكتفاء بغسل ما حولها حيث قال ومن كان به في المواضع التي يجب عليها الوضوء قرحة أو جراحة أو دماميل ولم يؤذه حلها فليحلها ويغسلها وان اضربه حلها فليمسح يده على الجبائر والقروح ولا يحلها ولا يعبث بجراحته وقد روى في الجبائر عن أبي عبد الله عليه السلام قال يغسل ما حولها بل لا يبعد ان يقال ظاهر الكليني أيضا جواز الاكتفاء بغسل ما حولها حيث اورد ما يدل عليه من الاخبار إذ قاعدة القدماء العمل مما يورد دونه في كتبهم من الاخبار ومن ذلك يعلم مذاهبهم وفتاويهم وقل ان يذكروا شيئا بطريق الفتوى وذلك غير خفى المتتبع على وبالجملة لولا الاجماع المنقول سابقا كان القول باستحباب المسح متجها لكن الاجتراء على خلافه لا يخلو عن اشكال ثم لا يخفى ان الجرح لا مستند له الا الاجماع المنقول فيبنى على حجيته وترجيحه على ما يدل بظاهره على خلافه كحسنة الحلبي السالقة ما رواه الشيخ والكليني عن عبد الله بن سنان باسناد فيه توقف عن أبي عبد الله عليه السلام قال سئلته عن الجرح كيف يصنع به صاحبه قال يغسل ما حوله فان ثبت ذلك أولنا الخبرين إما بالتأويل و السابق أو التخصيص بغير صورة الاجماع كما إذا كان الجرح عليه مجردا أو كانت عليه خرقة لا يمكن تطهيرها وفيهما بعد ظاهر وفى اثبات حجية الاجماع المنقول عسر واضح لكنه يوجب نوع تأمل في العمل بمقتضى الخبرين فيحصل التعارض بين الأصل ووجوب تحصيل اليقين بالبراءة من التكليف الثابت والاحتياط فيما عليه الأصحاب ثم اعلم أنهم صرحوا بالحاق الجروح والقروح بالجبيرة وبعضهم ادعى الاجماع عليه ونص جماعة منهم على عدم الفرق بين أن تكون الجبيرة مختصة بعضو أو شاملة للجميع وفى مبحث التيمم
(٣٧)