ومن اخذ اخذه فالقول بوجوبه في موضع دون موضع لم يعهد ويرد عليه ان النجاسة لا تستلزم وجوب الغسل بالمس وجزئيتها لما يجب الغسل بمسه لا يستلزم اتصافها بهذا الوصف حال كونها منقطعة إذ المسلم ثبوت هذا الوصف حال الاتصال لا مطلقا إذ الدليل مختص بالميت وهو صادق على الحملة حسب وشمول الأجزاء المنقطعة ممنوع مع أن ذلك على تقدير تمامه يستلزم ثبوت الحكم في غير ذات العظم أيضا وهم نافون لذلك وقوله لا يسقط الحكم بالانفصال ممنوع فلو تمسك في هذا بالاستصحاب فهو ضعيف قد أشرنا إليه مرارا وبطلان عدم وجوب الغسل بمس غسل جميع الأجزاء ممزعا ممنوع وحصول القرينة والقبول في الخبر غير واضح وكذا ما ذكره من عدم القائل بالفصل وأكثر ما ذكره من الوجوه مختص بالمبانة من الميت ومدعاه أعم منه وبالجملة للتوقف في هذه المسألة مجال والاحتياط فيما اشتهر بين الأصحاب وهل العظم المجرد من اللحم بحكم ذات العظم فيه قولان أقربهما العدم لأصالة البراءة وقيل نعم واختاره الشهيد لدوران الغسل معه وجودا وعدما وهو ضعيف قال الشارح الفاضل هذا في غير السن والضرس إما فيهما فالقول بالوجوب أشد ضعفا لأنهما في حكم الشعر والظفر قال هذا مع الانفصال إما مع الاتصال فيمكن المساواة والوجوب لأنه جزء من جملة يجب بمسها الغسل ولو خلت القطعة المبانة من حي أو ميت من عظم أو كان الميت من غير الناس مما له نفس سائله غسل يده خاصة ولو قال غسل العضو اللامس لكان أولي إما وجوب غسل العضو اللامس في الصورتين فلما سيجيئ من نجاسة الميتة واما عدم وجوب الغسل في الصورة الأولى فلمرسلة أيوب بن نوح السابقة في المسألة المتقدمة مضافا إلى الأصل السالم عن المعارض واما في الصورة الثانية فلبعض الأخبار الدالة عليه مضافا إلى الأصل السالم عن المعارض النظر الرابع في أسباب التيمم أي الأسباب المسوغة له وكيفيته يجب التيمم التيمم لغة القصد قال الله تعالى ولا تيمموا الخبيث منه تنفقون أي لا تقصدوا الردى من المال تنفقون منه وقال عز وجل فتيمموا صعيدا طيبا أي اقصدوا و نقل في الشرع إلى الضرب على الأرض والمسح بالأعضاء المخصوصة على وجه القربة ووجوبه ثابت بالكتاب والسنة قال الله تعالى وان كنتم مرضى أو على سفر أو جاء أحد منكم من الغائط أو لامستم النساء فلم تجدوا ماء فتيمموا صعيدا طيبا فامسحوا بوجوهكم وأيديكم منه وهيهنا اشكال وهو انه سبحانه جمع بين هذه الأشياء في الشرط المرتب عليه جزاء واحد هو الامر بالتيمم مع أن سببيته الأولين للترخص بالتيمم والثالث والرابع لوجوب الطهارة عاطفا بينهما بأو المقتضية لاستقلال كل واحد منها في ترتب الجزاء مع أنه ليس كذلك إذ متى لم يجتمع أحد الآخرين مع واحد من الأولين لم يترتب الجزاء وهو وجوب التيمم وأجيب عن هذا الاشكال بوجوه الأول ان اوفى قوله عن شأنه أو جاء بمعنى الواو كقوله تعالى وأرسلناه إلى مائة الف أو يزيدون الثاني قال البيضاوي وجه هذا التقسيم ان المترخص بالتيمم إما محدث أو جنب والحال المقتضية له في غالب الامر إما مرض أو سفر والجنب لما مر ذكره اقتصر على بيان حاله والمحدث لما لم يجز ذكره ذكر أسبابه ما يحدث بالذات وما يحدث بالعرض واستغنى عن تفصيل أحواله بتفصيل أحواله الجنب وبيان العذر مجملا وكانه قيل وان كنتم جنبا مرضى أو على سفر أو محدثين من الغائط أو لامستم النساء فلم تجدوا ماء وهذا الوجه لا يوافق ما ثبت عندنا من أن المراد بالملامسة الجماع الثالث قال صاحب الكشاف جوابا عن الاشكال الذي ذكرنا قلت راد سبحانه ان يرخص للذين وجب عليهم التطهير وهم عارفون للماء في التيمم بالتراب فخص أولا من بينهم مرضاهم وسفرهم لانهم المتقدمون في استحقاق بيان الرخصة لهم لكثرة المرض والسفر وغلبتهما على سائر الأسباب الموجبة للرخصة ثم عم كل من وجب عليه التطهير وأعوزه الماء الخوف عدوا وسبع أو عدم آلة استقاه أو ارهاق في مكان لا ماء فيه أو غير ذلك مما لا يكثر كثرة المرض والسفر انتهى كلامه وقيل في توضيح كلامه ان القصد إلى الترخيص في التيمم لكل من وجب عليه التطهير ولم يجد الماء فقيد عدم الوجدان راجع إلى الكل وقيد وجوب التطهير المكنى عنه بالمجيئ بمن الغائط أو الملامسة اللذين هما من أغلب أسباب وجوب التطهير معتبر في الكل حتى المرضى والمسافرين وذكرهما تخصيص قبل التعميم بناء على زيادة استحقاقهما للترخيص وغلته المرضى والسفر على سائر أسباب الرخصة فكأنه قيل إن جاء أحد منكم من الغائط أو لامستم النساء فلم تجدوا ماء خصوصا المرضى والمسافرين فتيمموا ووجه سببيته مضمون الشرط المضمون الجزاء ظاهر هذا ولكن ينبغي ان يفسر عدم وجدان الماء بعدم القدرة على استعماله لتفيد ترخيص المريض الواجد للماء العاجز عن الاستعمال ويصح ان المرض سبب من الأسباب الغالبة والا فهو باعتبار العجز عن الحركة والوصول إلى الماء من الأسباب النادرة لا الغالبة وما ذكره من حمل عدم الوجدان على عدم القدرة هو المستفاد من كلام جماعة من المحققين وهو مجاز حسن في مثل هذا المقام واما جعل عدم الوجدان قيدا للجميع فلا يخلو عن شئ لأنه إذا جمع بين الأشياء في سلك واحد ويكون شئ واحد وهو عدم الوجدان قيدا للجميع كان المناسب ان يكون لكل واحد منهما مع قطع النظر عن القيد مناسبة ظاهرة مع الترخيص بالتيمم وذلك منتف في الأخيرين الا عند جعل عدم الوجدان قيدا مختصا وكلام صاحب الكشاف غير آب عن ذلك والأحسن ان يقال قوله سبحانه فلم تجدوا ماء قيد للأخيرين مختص بهما لكنه في الأولين مراد بمعاونة المقام فإنه سبحانه لما أمر بالوضوء والغسل كان هيهنا مظنة سؤال يخطر بالبال فكان سائلا يقول إذا كان الانسان مسافرا لا يجد الماء أو مريضا يخاف من استعماله الضرر فما حكمه فأجاب سبحانه ببيان حكمه وضم سائر المعذورين فكأنه قال وان كنتم في حال الحدوث والجنابة مرضى تستضرون باستعمال الماء أو مسافرين غير واجدين للماء أو كنتم جنبا أو محدثين غير واجدين للماء وان لم تكونوا مرضى أو على سفر فتيمموا صعيدا طيبا والتصريح بالجنابة والحدث ثانيا مع اعتبارهما في المريض والمسافر أيضا لئلا يتوهم اختصاص الحكم للمذكور بالجنب لكونه بعده وقد يقال في قوله تعالى أو لامستم النساء في موقع ان كنتم جنبا مع التفنن والخروج عن التكرار تنبيه على أن الامر هيهنا ليس مبنيا على استبقاء الموجب في ظاهر اللفظ فلا يتوهم أيضا حصر موجب الوضوء في المجيئ من الغائط وعلى كل حال فيه تنبيه على أن كونهم محدثين ملحوظ في ايجاب الوضوء واما الاخبار فكثيرة منها قول النبي صلى الله عليه وآله الصعيد الطيب طهور المسلم وان لم يجد الماء عشر سنين وقول الصادق عليه السلام ان الله جعل التراب طهورا كما جعل الماء طهورا إلى غير ذلك مما سيجيئ في مواضعه لما يجب له الطهارتان الذي ثبت بالدليل ان التيمم طهور عند فقد الماء كما سيجيئ فما وجب له الطهارة المطلقة يجب له التيمم عند تعذر المائية وما وجب له نوع خاص منها كالصوم بالنسبة إلى الغسل واثبات وجوب التيمم له لا يخلو عن اشكال ويمكن الاستدلال عليه بقوله عليه السلام في بعض الأخبار الصحيحة هو بمنزلة الماء وانما يجب عند فقد الماء مع الطلب على الوجه المعتبر شرعا كما سيجيئ وعليه اجماع العلماء كافة الا من شذ ويستوى في ذلك الحاضر والمسافر وتدل عليه الآية والأخبار الكثيرة المذكورة في طي المباحث الآتية وقال بعض العامة الصحيح الحاضر إذا عدم الماء كالمحبوس ومن انقطع عنه الماء يترك التيمم والصلاة تعويلا على حجة ضعيفة أو تعذر استعماله للمرض بان يخاف زيادته وبطوء برئه أو عسر علاجه أو خاف حدوثه وان لم يكن حاصلا حال الاستعمال ولا فرق في ذلك بين المرض العام بجميع البدن أو المختصة ببعض الأعضاء ويدل على الجميع الا صورة خوف الحدث والآية وعلى الجميع قوله تعالى ما جعل عليكم في الدين من حرج وعلى بعضها قوله تعالى ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة واما الرواية في هذا الباب فقد روى الكليني والشيخ عنه عن محمد بن سكين وغيره في الحسن بإبراهيم عن أبي عبد الله عليه السلام ان قيل له ان فلانا اصابته جنابة وهو مجدور فغسلوه فمات فقال قتلوه الا سألوا الا يمموه ان شفاء العى السؤال قال وروى ذلك في الكسير والمبطون يتيمم ولا يغتسل وروى محمد بن مسلم في الصحيح قال سألت أبا جعفر عليه السلام عن الجنب يكون به القروح قال لا باس بان لا يغتسل يتيمم وروى داود بن سرحان في الصحيح عن أبي عبد الله عليه السلام في الرجل يصيبه الجنابة وبه جروح أو قروح أو يخاف على نفسه من البرد فقال لا يغتسل ويتيمم وروى ابن أبي عمير مرسلا عن الصادق عليه السلام قال يؤمم المجدور والكسير إذا اصابتهما الجنابة وروى ابن أبي نصر في الصحيح عن أبي الحسن الرضا عليه السلام في الرجل تصيبه الجنابة وبه قروح أو جروح أو يخاف على نفسه البرد قال لا يغتسل يتيمم والمشهور بين الأصحاب عدم الفرق بين متعمد الجنابة وغيره في تسويغ التيمم له عند التضرر بالماء وقال المفيد وان أجنب نفسه مختارا وجب عليه الغسل وان خاف منه على نفسه ولم يجزه التيمم واسند في المعتبر إلى الشيخين القول
(٩٢)