مائة وثلثون درهما وذهب علم الهدى وابن بابويه إلى أنه مدني وقدره مأة وخمسة وتسعون درهما والأول أقرب لنا ان الحمل على العراقية يقتضى مقاربة التقدير بالوزن للتقدير بالمساحة بخلاف الحمل على المدينة فإنه يبعد عنه فيكون الأول أولي وما رواه محمد بن مسلم في الصحيح عن أبي عبد الله عليه السلام ان الكر ستمائة رطل والمراد به رطل مكة لأنه لا يجوز ان يريد به رطل العراق ولا رطل المدينة لكونهما متروكا عند الأصحاب كما ذكره الشيخ في التهذيب فتعين المكي وهو ضعف العراقي ولان الأصل طهارة الماء خرج عنه ما نقص عن الأرطال العراقية بالاتفاق فيبقى ما عداه وفى الثالث نظر لان المستفاد من قوله عليه السلام إذا بلغ الماء كر ألم ينجسه شئ وغير ذلك أن حصولها موجب لعدم الانفعال وانتفاؤها موجب للانفعال فإذا حصل الشك في الكرية كان حكمها من الانفعال وعدمه مشكوكا وتعيين أحدهما يحتاج إلى دليل فان قلت الدليل العمومات الدالة على طهارة الماء قلت تخصيص تلك العمومات بالخبر المذكور والشك انما حصل في كون محل النزاع فردا للمخصص أم لا فتعين أحدهما يحتاج إلى دليل واستدل أيضا بعموم قوله عليه السلام كل ماء طاهر حتى تعلم أنه قذر وأنت خبير بما فيه وقد نبهناك عليه في نظائره واحتج المرتضى على ما نقل عنه بالاحتياط وبأنهم عليهم السلام من أهل المدينة فينبغي حمل كلامهم على عادة بلدهم وعندي انه لو قال الظاهر أن السؤال كان في المدينة والأقرب ان الأوزان انما يحمل على بلد السؤال كما لا يخفى على من تبتع مجارى العادات كان أحسن وأجيب عن استدلاله الأول بالمعارضة بمثله فان المكلف مع تمكنه من الطهارة المائية لا يسوغ له العدول إلى الترابية ولا يحكم بنجاسة الماء الا بدليل فإذا لم يقم على النجاسة فيما نحن فيه دليل كان الاحتياط في استعمال المائية واعترض عليه بان الأخبار الدالة على اعتبار الكرية اقتضت كونها شرطا لعدم انفعال الماء بالملاقاة فما لم يدل دليل شرعي على حصول الشرط يجب الحكم بالانفعال وفيه نظر لان مقتضى الدليل عدم الانفعال عند وجود الشرط ونقيضه عند عدمه فإذا شك في حصول الشرط كان الجزاء مشكوكا لا متيقنا وانما يلزم ما ذكره لو كان العلم أو الظن بالكرية معتبرا في مفهوم الشرط وليس كذلك إذ الألفاظ موضوعة للمعاني من غير اعتبار العلم أو الظن في مدلولاتها وعن الثاني بان المهم في نظر الحكيم رعاية ما يفهمه السائل وذلك انما يحصل بمخاطبته بما عهده من عادة بلده وحينئذ يجوز ان يكون السائل عراقيا كالمرسل فيكون السؤال على وفق عادته وبالجملة لا ترجيح من هذه الجهة أو ما حواه ثلثة أشبار ونصف طولا في عرض في عمق هذا هو الطريق الثاني من طريق معرفة الكر واختلف الأصحاب فيه على مذاهب الأول ما ذهب إليه المصنف وهو ما بلغ تكبيره اثنين وأربعين شبرا وسبعة أثمان شبر واليه ذهب أكثر الأصحاب ومستندهم ما رواه أبو بصير قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الكر من الماء كم يكون قدره قال إذا كان الماء ثلثة أشبار و نصف في مثله ثلثة أشبار ونصف في عمقه من الأرض فذلك الكر من الماء واهمال تقدير البعد الثالث غير ضائر لأن الظاهر الاعتماد فيه على ما علم من البعدين الآخرين والاكتفاء في المحاورات بالمقام ودلالة سوق الكلام غير نادر وقد يقال يمكن توجيهها على وجه يسلم عن الاهمال المذكور بإعادة الضمير في قوله عليه السلام في مثله إلى ما دل عليه قوله عليه السلام ثلثة أشبار ونصفا أي في مثل ذلك المقدار لا في مثل الماء إذ لا محصل له وكذا الضمير في قوله عليه السلام في عمقه أي في عمق ذلك المقدار من الأرض وفى ارجاع ضمير في عمقه إلى ما ذكره تكلف واضح ومع هذا لا يستفاد منه كون العمق هذا المقدار كما لا يخفى على المتدبر وذكر الشارح الفاضل ان المسكوت عنه هيهنا العمق واعترض عليه بان المسكوت عنه العرض واما العمق فمبين لان قوله عليه السلام في عمقه من الأرض إما حال من مثله أو نعت لثلاثة أشبار الذي هو بدل من مثله ولولا الحمل على هذا لصار قوله في عمقه من الأرض كلا ما منقطعا متهافتا واستضعفت هذه الرواية بأحمد بن محمد بن يحيى فإنه مجهول وعثمان بن عيسى فإنه واقفي وأبى بصير فإنه مشترك بين الثقة وغيره واعترف يضعفها المحقق في المعتبر حيث قال وعثمان بن عيسى واقفي وروايته ساقطة ولا تضع إلى من يدعى الاجماع هنا فإنه يدعى الاجماع في محل الخلاف وكانه إشارة إلى ابن زهرة حيث ادعى اجماع الفرقة على التحديد المذكور ولا يخفى امكان دفع هذه الوجوه المذكورة في ضعفها إما أبو بصير فاشتبه حاله على كثير من أصحابنا المتأخرين فزعموا اشتراكه بين الثقة الامامي وغيره واستضعفوا اخباره على كثرتها والراجح عندي ان رواياته صحيحة إذا لم يكن في الطريق قادح من غير جهة وان الاشتراك المذكور توهم ولنذكر جهات التوهم ثم نشتغل بالجواب عنها ومن وجوه التوهم فيه انه مشترك بين جماعة منهم يوسف ابن الحرث وهو غير موثق في كتاب الرجال بل في الخلاصة واختيار الرجال للشيخ ان يوسف بن الحرث من أصحاب الباقر عليه السلام يكنى أبا بصير بالياء بعد الصاد بترى والجواب ان أبا بصير إذا اطلق ينصرف إلى المعهود المشهور المعروف بين الأصحاب ويوسف بن الحرث هذا مجهول غير مذكور في الفهرست وكتاب النجاشي فكيف ينصرف المطلق إليه وفى كتاب الكشي أبو نصر يوسف بن الحرث ويحتمل اتحادهما ووقوع التصحيف في كتاب الشيخ على أن رواية أبي بصير هذه عن الصادق عليه السلام يوسف بن الحرث من أصحاب الباقر عليه السلام فلا يضر هيهنا ومنها انه مشترك بين جماعة منهم عبد الله بن محمد الأسدي والجواب عنه نحو من السابق ومنها انه مشترك بين جماعة منهم يحيى بن القسم الحذاء وهو واقفي والجواب عنه ان أبا بصير يحيى ابن القاسم أو يحيى بن أبي القاسم الثقة غير يحيى بن القسم الحذاء الواقفي والشاهد لذلك أمور من ذلك أن أبا بصير يحيى بن القاسم أسدي كما يظهر من رجال النجاشي والكشي واختيار الرجال والخلاصة ورجال العقيقي ويحيى بن القسم الحذاء أزدي كما يفهم من كتاب رجال الكشي ومن ذلك أنه ذكر الشيخ في قر يحيى بن أبي القاسم يكنى أبا بصير مكفوف واسم أبى القاسم اسحق وقال بعده بلا فصل يحيى بن أبي القاسم الحذاء وهذا يشهد للمغايرة بينهما وفى ظاهر يحيى بن القسم الحذاء واقفي ثم قال يحيى بن أبي القاسم يكنى أبا بصير وهذا أيضا يعطى الغايرة وفى كش في العنوان في يحيى بن أبي القاسم أبي بصير ويحيى بن القسم الحذاء وهذا أيضا يعطى المغايرة ومن ذلك أنه ذكر النجاشي والشيخ في اختيار الرجال ان أبا بصير مات سنة خمسين ومائة وهذا ينافي كونه واقفيا لان وفاة الكاظم عليه السلام في سنة ثلث وثمانين ومائة ومن القرائن ان النجاشي مع كمال ضبطه ونقده للرجال لم يذكر ان أبا بصير كان واقفيا بل قال يحيى بن القاسم أبو بصير الأسدي وقيل أبو محمد ثقة وجيه روى عن أبي جعفر وأبى عبد الله عليه السلام وقيل يحيى بن أبي القسم واسم أبى القاسم اسحق وروى عن أبي الحسن موسى عليه السلام وكذا لم يذكر الشيخ في الفهرست انه واقفي وكذا العقيقي بل ذكر الشيخ في ظاهر يحيى بن القسم الحذاء واقفي فصار منشأ التوهم حيث يوهم الاتحاد ومبدأ التوهم المصنف حيث قال في خلاصة الرجال يحيى بن القاسم الحذاء بالحاء المهملة من أصحاب الكاظم عليه السلام كان يكنى أبا بصير بالباء المنقطة تحتها نقطة والتاء بعد الصاد وقيل إنه أبو محمد واختلف قول علمائنا فيه فقال الشيخ الطوسي رحمه الله انه واقفي وروى الكشي ما يتضمن ذلك قال وابن بصير يحيى بن القاسم الحذاء الأزدي هكذا يكنى أبا محمد قال محمد بن مسعود سألت ابن الحسن بن فضال عن أبي بصير هذا هل كان متهما بالغلو فقال بالغلو فلا ولكن كان مخلطا ثم نقل كلام النجاشي والعقيقي ثم رجح قبول روايته وظني ان ما نقله من الشيخ من كون أبي بصير واقفيا منشأ توهمه الاتحاد بين الرجلين وفى الكشي قال في يحيى بن أبي القاسم أبي بصير ويحيى بن القاسم الحذاء محمد وبه ذكره عن بعض أشياخه يحيى بن القسم الأزدي واقفي ثم نقل روايتين من طريق الواقفية يدلان على أن أبا بصير روى ما يدل على أن موسى بن جعفر عليه السلام هو القائم ثم نقل رواية أخرى تدل على أن يحيى ابن القاسم الحذاء كان ملتويا على الرضا عليه السلام وانه رجع عن ذلك ثم قال بعد نقل هذه الرواية وأبو بصير هذا يحيى بن القاسم يكنى أبا محمد قال محمد بن مسعود إلى اخر ما نقله المصنف ولعل منشأ توهم المصنف أمران أحدهما الروايتان ولعلهما كذب من الواقفية على أبي بصير الثاني قوله وأبو بصير هذا فجعل المشار إليه بقوله هذا يحيى بن القاسم الحذاء المتصل ذكره بهذا الكلام وليس كذلك بل المراد بقوله أبو بصير هذا أبو بصير المذكور في العنوان فان العنوان صريح في التغاير ومنها ان أبا بصير كنية لليث بن البختري المرادي وأورد الكشي روايات تدل على الطعن فيه والجواب ان الروايات الدالة على فضله وكمال درجة وعلو شانه أكثر وأصح وأشهر وأكثر ما ورد بالطعن فيه قابل للتأويل وعلى ما ذكرنا لا وجه للتوقف في روايات أبي بصير واما عثمن بن عيسى فقد نقل الكشي قولا بأنه ممن أجمعت العصابة على تصحيح ما يصح عنهم ويظهر من كلام الشيخ في العدة ان الأصحاب يعلمون باخبار عثمن بن عيسى على وجه يؤذن بالاتفاق فاخباره مما يفيد الظن وعليه مدار علمنا في الترجيحات واما أحمد بن محمد بن يحيى فالظاهر أن لفظة ابن
(١٢٢)