المتقدم، وقد بينا ما فيه. وإذا أنصف كل مستدل بتواتر من نفسه علم تعذر هذا عليه وارتفاعه عن صفة من سمع منهم ما يقول بتواتره، وإن صح حصوله فالأعيان يكاد لا يعرفون.
الجواب:
إعلم أن القائلين بالتواتر على ضربين:
منهم من يذهب إلى أن الخبر المتواتر فعل الله تعالى عنده للسامعين العلم الضروري بمخبره.
والضرب الآخر يذهبون إلى أن العلم بمخبره مكتسب.
فمن ذهب إلى الأول يقول على وقوع العلم الضروري له، فإذا وجد نفسه عليه علم أن صفة المخبرين له صفة المتواترين، فعندهم أن حصول العلم بصفة المخبرين.
ومن قال بالمذهب الثاني يقول: الطريق إلى العلم بصفة المخبرين هو العادة، لأن العادة قد فرقت بين الجماعة التي يجوز عليها أن يتفق منها الكذب من غير تواطئ وما يقوم مقامه، وبين من لا يجوز ذلك عليه. وفرقت أيضا [بين من لا يجوز عليه، و] 1 بين من إذا وقع منه التواطي جاز أن ينكتم، وبين من لا يجوز انكتام تواطي.
فإن كل عاقل خالط أهل العادات، يعلم ضرورة أن أهل مدينة السلام، أنه يتفق 2 منهم الكذب الواحد من غير 3 تواطئ عليه ولا أن يتواطؤا ويقوم .