ويقال لهم: فما تريدون أنتم من الكفار؟ فإن قالوا: نريد من الكفار الكفر، فقد أقروا على أنفسهم بأن يريدوا أن يكفر بالله ويجب عليهم أن يجيزوا ذلك على النبي صلى الله عليه وآله بأن يكون مريدا للكفر 1 بالله تعالى، وهذا غاية سوء الثناء عليه.
وإن قالوا: إن الذي نريده من الكفار الإيمان. قيل لهم: فأيما أفضل ما أردتم من الإيمان أو ما أراد الله من الكفر؟ فإن قالوا: ما أراد الله خير مما أردنا من الإيمان، فقد زعموا أن الكفر خير من الإيمان. وإن قالوا: إن ما أردنا من الإيمان خير مما أراده الله من الكفر، فقد زعموا أنهم أولى بالخير والفضل من الله، وكفاهم بذلك خزيا.
فيقال لهم: فما يجب على العباد يجب عليهم أن يفعلوا ما تريدون أنتم أو ما يريد الله؟ فإن قالوا: ما يريد الله، فقد زعموا أن على أكثر العباد أن يكفروا، إذ كان الله يريد لهم الكفر. وإن قالوا: إنه يجب على العباد أن يفعلوا ما نريد من الإيمان ولا يفعلوا ما يريد الله من الكفر، فقد زعموا أن اتباع ما أرادوا هم أوجب على الخلق من اتباع ما أراد الله، وكفاهم بهذا قبحا.
ولولا كراهة طول الكتاب لسألناهم في قولهم إن الله تعالى أراد المعاصي عن مسائل كثيرة يتبين فيها فساد قولهم، وفيما ذكرناه كفاية، والحمد لله رب العالمين.
فصل [الأخبار المسددة لمذهب العدلية] 2 ومما جاء من الحديث 3 ما يصحح مذهبنا في القضاء والمشيئة وغير ذلك .