قلنا: ومن سلم لكم صحة هذه التجربة وانتظامها واطرادها، وقد رأينا خطأكم أكثر من صوابكم فيها، وصدقكم أقل من كذبكم، فألا نسبتم الصحة إذا اتفقت منكم إلى الاتفاق الذي يقع من المخمن والمرجم. فقد رأينا من يصيب من هؤلاء أكثر ممن يخطئ، وهو على غير أصل معتمد ولا قاعدة صحيحة.
فإذا قلتم: سبب خطأ المنجم زلل دخل عليه في أخذ الطالع أو تسير الكواكب.
قلنا: ولم لا كانت أصابته سببها التخمين، وإنما كان يصح لكم هذا التأويل والتخريج لو كان على صحة أحكام النجوم دليل قاطع هو غير إصابة المنجم.
فأما إذا كان دليل صحة الأحكام الإصابة، فألا كان دليل فسادها الخطأ فما أحدهما في المقابلة إلا كصاحبه.
ومما أفحم 1 به القائلون بصحة الأحكام ولم يتحصل منهم عنه جواب، إن قيل لهم في شئ بعينه: خذوا الطالع واحكموا هل يؤخذ أو يترك، فإن حكموا إما بالأخذ أو الترك خولفوا وفعل خلاف ما خبروا به، وقد أعضلتهم هذه المسألة واعتذروا عنها بأعذار ملفقة لا يخفى على عاقل سمعها بعدها من الصواب.
فقالوا في هذه المسألة: يجب أن يكتب هذا المبتلى بها ما يريد أن يفعل أو يخبر به غيره فإنا نخرج ما قد عزم عليه من أحد الأمرين.
وهذا التعليل منهم باطل، لأنهم إذا كان النظر في النجوم يدل على جميع الكائنات التي من جملتها ما يختاره أحدنا من أخذ هذا الشئ أو تركه.
فأي فرق بين أن يطوي ذلك فلا يخبر به ولا يكتبه حتى يقول المنجم ما عنده، .