ولهذا نقول: إن الفاسق يجتمع استحقاقهما وإن كانا متقابلين، له استحقاق الذم والمدح والتعظيم والاستخفاف بإيمانه وطاعته وفسقه ومعاصيه. ولولا أن الكافر قد دل الدليل على أنه لا طاعة له، لجاز عندنا أن يجتمع له استحقاق الثواب والعقاب والذم والمدح والتعظيم والاستخفاف.
وإذا كنا نقول ذلك في المتقابل الجهات، فكيف القول بمثله فيما لا تتقابل جهات استحقاقه، فليقس على هذا كل المسائل، فإنه طريق جدد.
المسألة السادسة والعشرون:
[الكافر إذا كانت له أعواض] على أي وجه يعوض الكافر المحترم عقيب استحقاقه العوض عليه تعالى أو على غيره، مع إجماع الأمة على أنه لا يجوز أن ينتفع في الآخرة بشئ لا في حال الموقف ولا في حال دخوله في النار، وقد نطق القرآن بذلك.
الجواب:
إعلم أن الكافر إذا كانت له أعواض ما استوفاها في الدنيا، فيجب إيصالها إليه عند البعث قبل إدخاله النار للعقاب. والأشبه أن يكون ذلك قبل المحاسبة والمراقبة، فإنه لا يليهما إلا المعاقبة والعوض عندنا منقطع، ويمكن إيصال الكثير في الأوقات اليسيرة.
وها هنا إجماع على أن الكافر لا يجوز أن ينتفع بشئ بعد لعنه. فأما بعد دخوله النار فلا شبهة فيه، وكيف يدعى الإجماع فيما نخالف نحن فيه. وإنما الإجماع على أن الكافر لا ينتفع في حالة معاقبة.
وليس لأحد أن يمنع من استحقاق الكافر لعوض لا يمكن استيفاؤه له في