فكذلك إذا كان فيها توصل إلى إقامة حق ودفع باطل يخرج عن وجه القبح.
ولا يشبه ذلك ما يعترض في الكذب مما لا يخرجه عن كونه قبيحا، لأنا قد علمنا بالعقل وجه قبح الكذب، وأنه مجرد كونه كذبا، لأن هذه جهة عقلية يمكن أن يكون العقل طريقا إليها.
وليس كذلك الولاية من قبل الظالم، لأن وجه قبح ذلك في الموضع الذي يقبح فيه شرع 1، فيجب أن يثبته 2 قبيحا في الموضع الذي جعله الشرع كذلك.
وإذا كان الشرع قد أباح التولي من قبل الظالم مع الاكراه، وفي الموضع الذي فرضنا أنه متوصل به إلى إقامة الحقوق والواجبات، علمنا أنه لم يكن وجه القبح في هذه الولاية مجرد كونها ولاية من جهة ظالم، وقد علمنا أن اظهار كلمة الكفر لما كانت تحسن مع الاكراه، فليس وجه قبحها مجرد النطق بها وإظهارها بل بشرط الايثار.
وقد نطق القرآن بأن يوسف عليه السلام تولى من قبل العزيز وهو ظالم، ورغب إليه في هذه الولاية، حتى زكى نفسه فقال (اجعلني على خزائن الأرض إني حفيظ عليم) 3، ولا وجه لحسن ذلك إلا ما ذكرناه من تمكنه بالولاية من إقامة الحقوق التي كانت يجب عليه إقامتها.
وبعد: فليس التولي من جهة الفاسق أكثر من اظهار طلب الشئ من جهة لا يستحق منها وبسبب لا يوجبه.
وقد فعل ما له هذا المعنى أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام،