غيره، ومرتبة في الفصاحة بالرجوع إلى أهل الصناعة والسؤال لهم، فيعلم من ذلك ما تدعوه الحاجة إلى علمه، وإن لم يحتج إلى أن يكون هو في نفسه من أهل هذه الصناعة.
ألا ترى أن العجمي والعامي اللذين لا يعرفان شيئا من الفصاحة، يصح أن يعلما أن امرأ القيس أفصح ممن عداه من الشعراء، وأن بعض الكلام الفصيح أفضل من بعض، حتى لا يدخل عليه في ذلك شبهة بالخبر ممن يعرف ذلك.
وكذلك من لا يعرف منا النساجة أو الصياغة، يصح أن يعلم في ثوب أنه أفضل من غيره أو في علق مصوغ.
وإذا كانت جهة العلم ثابتة للا عجمي كما أنها ثابتة للعربي، جاز أن يعلم بالرجوع إلى أهل الصناعة، أن الفرق بين أفصح كلام العرب وبين بعض قصار المفضل 1 في الفصاحة، غير ظاهر ظهور الفرق بين فصاحة شعر الجاهلية والمحدثين.
فحينئذ يعلم أن جهة إعجازه هي الصرفة لا فرط فصاحته، لأنه قد علم تعذر المعارضة لائحة، وإذا لم يكن 2 معارضته لفرط الفصاحة فليس إلا الصرف.
والقول في أحكام خطاب العربية يجري مجرى ما ذكرناه، في أن للا عجمي أن يعلمه من أهله وإن لم يكن هو في نفسه عالما بالعربية. ومن هذا الذي يشك في أن من كلف معرفة مراد الله تعالى بخطابه، ومراد الرسول عليه السلام بكلامه، لا بد من أن يكون له طريق إلى معرفة ذلك؟
فإن كان من أهل العربية والعلم بموضوعات أهله، فهو يرجع إلى علمه .