(فصل) في دعوة أهل الحق وبيانها قالت عصبة أهل الحق: إن الله 1 جل ثناؤه اصطفى الإسلام دينا ورضيه لعباده واختاره لخلقه، ولم يجعله موكولا إلى رأيهم، ولا جاريا على مقادير أهوائهم، دون أن نصب له الأدلة وأقام عليه البراهين، وأرسل به الرسل، وأنزل به الكتب، ليهلك من هلك عن بينة، ويحيى من حيي عن بينة.
وللإسلام حدود، للقيام به حقوق، وليس كل من ادعى ذلك أخذه 2، ولا كل من انتسب إليه صار من أهله، وقد علمنا أن أهل القبلة [قد] 3 اختلفوا في أمور صاروا فيها إلى خلل، فضلل بعضهم بعضا 4 وكفر بعضهم بعضا، وكل يدعي أن ما ذهب إليه من ذلك وانتحله هو دين الله ودين رسوله صلى الله عليه وآله وسلم.
ومعلوم عند كل عاقل أن ذلك كله على اختلافه لا يجوز أن يكون حقا لتضاده واختلافه، ولا بد حينئذ من اعتبار ذلك وتمييزه ليتبع منه الحق، ويجتنب منه الباطل، وقد علمنا بالأدلة الواضحة، والبراهين الصحيحة - التي يوافقنا عليها جميع فرق أهل الملة - بطلان 5 قول كل من خالف جملة الإسلام ما جاء به القرآن وصح عن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم، فإذا كان الأمر كذلك .