وذلك [أن] 1 هذا الوجه لا يخرجون معه من جملة التكليف، لأنهم - وإن كانوا عند التذكر لا بد أن يفعلوا الاعتقادات التي تصير علوما والشبه متطرقة عليهم ويجوز دخولها فيما علموه، فلا بد أن يكلفوا دفعها والتخلص منها، فالتكليف ثابت أيضا على هذا الوجه.
على أن هذا الوجه إنما يتطرق فيمن كان عارفا بالله تعالى في دار الدنيا، وأما من لم يكن عارفا [به] 2 فلا يتأتى منه.
فإن قيل: هؤلاء الذين كانوا في الدنيا لا يعرفون الله تعالى يعرفونه في الآخرة ضرورة.
قلنا: بالاجماع نعلم ضرورة أن معارف أهل الآخرة متساوية في طريقها غير مختلفة، ولا يجوز أن يكونوا ملجأين إلى المعرفة ولا إلى النظر المولد للمعرفة، لأن الالجاء 3 إلى أفعال القلوب لا يصح إلا منه تعالى لأنه المطلع على الضمائر، ولا يصح 4 أن يكون تعالى ملجئا لهم إلا مع تقدم معرفتهم به وبأحواله 5، لأنه إنما يلجئهم إلى الفعل بأن يعلمهم 6 بأنهم متى حاولوا العدول عنه منعهم منه، وذلك يقتضي كونهم عارفين به تعالى وبصفاته.
على أن الالجاء إلى المعرفة أيضا لا يصح، لأنه إنما يلجئ إلى الاعتقادات المخصوصة، بأن يعلم الملجأ أنه يمنعه متى رام غيرها. وأكثر ما في ذلك أن