والذي يبين أن الأمر على ما أفتينا به، أنا لو صادفنا كرا من ماء فيه نجاسة لم تغير شيئا من أوصافه، لكنا بلا خلاف بين أصحابنا نحكم بطهارته، ونجيز التوضؤ به، ونحن لا نعلم هل هذه النجاسة التي شاهدناها وقعت فيه قبل تكامل كونه كرا أو بعد تكامله.
ولو كان بين وقوعها فيه قبل التكامل، وبين وقوعها بعد التكامل فرق، لوجب التوقف عن استعمال كل ما توجد فيه نجاسة لم تغير أوصافه، وإن كان كثيرا، لأنا لا ندري كيف كان حصول هذه النجاسة فيه، فلما لم يكن بذلك اعتبار دل على أن الأمر على ما ذكرناه.
المسألة الثامنة عشر:
(سجدة قراءة العزائم في الصلاة تجب بعد الفراغ من الصلاة) ما القول فيمن سهى أو قصد، فقرأ في بعض فرائضه سورة من عزائم السجود، فلم يذكر حتى لفظ بالآية التي يجب لها السجود، أيسجد أم لا؟.
فإن قلتم يسجد أوجبتم إفساد صلاة كان يجب المضي فيها بزيادة فيها سجدة ليست منها، وإن قلتم لا يسجد أبحتم الاخلال بالواجب عليه في السجود.
وهذان أمران لا يمكن الجمع بينهما، سواء عما يصح الاخلال به منهما.
الجواب:
إعلم أن ذلك إذا اتفق من غير قصد إليه، فالأولى أن يتوقف عن السجود ويمضي في صلاته، فإذا سلم سجد حينئذ، فتأخيره السجود - وإن وجب على الفور - أهون على كل حال في دفع صلاة قد بدأ بها، ويعين عليه الاستمرار عليها إلى حين الفراغ منها.