عذبهم في نار جهنم عذابا دائما، فتعالى الله عما يقولون علوا كبيرا، وتقدس عما وصفوه به بل نقول: إنه العدل الكريم الرؤف الرحيم، الذي حسنات العباد منسوبة إليه، وسيئاتهم منفية عنه، لأنه أمر الحسنة ورضيها 1 ورغب فيها، وأعان عليها، ونهي عن السيئة وسخطها، وزجر عنها، وكانت طاعات العباد منه بالأمر والترغيب ولم تكن معاصيهم منه للنهي والتحذير، وكان جميع ذلك من فاعليه ومكتسبيه بالفعل والأحداث، وكانت معاصيهم وسيئاتهم من الشيطان بالدعاء والاغواء.
[آراء المخالفين لأهل العدل] 2 فأما من يخالفنا فقد افتضحوا حيث قالوا: إن من الله جور الجائرين وفساد المعتدين، فهو عندهم المريد لشتمه، ولقتال أنبيائه، ولعن أوليائه، وأنه أمر بالايمان ولم يرده، ونهى عن الكفر وأراده، وأنه قضى بالجور والباطل ثم أمر عباده بإنكار قضائه وقدره، وأنه المفسد للعباد، والمظهر في الأرض الفساد، وأنه صرف أكثر خلقه عن الإيمان والخير، وأوقعهم في الكفر والشرك، وأن من أنفذ وفعل ما شاء عذبه، ومن رد قضاءه وأنكر قدره وخالف مشيئته أثابه ونعمه، وأنه يعذب أطفال المشركين [بذنوب آبائهم] 3 وأنه تزر الوازرة عندهم 4 وزر أخرى، وتكسب النفس على غيرها، وأنه خلق أكثر خلقه للنار، ولم يمكنهم من طاعته ثم أمرهم بها، وهو عالم بأنهم لا يقدرون عليها، ولا يجدون .