لهم جامع على الخبر مقام التواطئ، فينكتم ذلك فيستزيل، لا يجوز على من حضر بعض.
فإذا علم أن وجود كون الخبر كذبا لا يصح على هذه الجماعات، فليس بعد ارتفاع كونه كذبا إلا أنه صدق، وأي عجب واستبعاد لأن يكون أحدنا يلقى بنفسه ويسمع الخبر ممن هو على صفة المتواترين.
أو ليس كل واحد منا يسمع الأخبار ممن يخبره عن عمان وسجستان والبلدان التي ما شاهدها، فيعلم صدقهم إذا علم أن العادة لم تجئ في مثل من خبره عن ذلك بالكذب، لعدم جواز اتفاق الكذب والتواطئ، وهل العلم بالوقائع والحوادث الكبار في عصرنا مستفاد إلا ممن يخبرنا مشافهة عن هذه الأمور.
وكذلك العلم بالنص الذي ينفرد به الإمامية، لا يزال أحدنا يسمع كل إمامي عاصره ولقاه يرويه له، مع كثرتهم وامتناع الكذب في العادات على مثلهم، وليس يجب أن لا يعلم هذا النص إلا بعد أن يلقى كل إمامي يرويه في كل بلد، لأنه إذا لقي من جملتهم من خبره بالنص، وقد بلغوا من الكثرة إلى حد يقضي العادات بأن الكذب لا يجوز معه عليهم صدقهم، وإن لم يخبره كل إمامي في الأرض.
وليس من شرط الخبر المتواتر أن يكون رواته متباعدي الديار مختلفي الآراء والأوطان ولا يحصيهم عددا، على ما مضى في المسألة، على ما يظنه من لا خبرة له، لأن التواطئ قد يحصل بأهل بلد واحد، بل بأهل محلة واحدة، ومع اتفاق الآراء والأوطان واختلافها، فلا معنى لاعتباره ولا تأثير في الحكم المطلوب له.
ولم يبق إلا أن نبين أن الناقلين إذا كانوا لم ينقلوا عما شاهدوه بنفوسهم، بل