تعالى لهم الهلال فعلى هذا التخريج والتعليل لم يجب الصوم لأجل الرؤية، بل وجب لأجل العدد.
ألا ترى أنه لو فقدت الرؤية هاهنا لوجب الصوم بالعدد، ولم يؤثر فقد الرؤية في انتقاء وجوب الصيام، ولو فقد العدد وثبتت الرؤية لما وجب، فعلم أن العدد هو المؤثر دون الرؤية.
وظاهر الخبر يقتضي أن الرؤية مؤثرة في الصوم، فقد بان أنه لا منفعة لهم في تخصيص الخبر أيضا.
وأما قوله عليه السلام (وأفطروا لرؤيته، فإن غم عليكم فعدوا ثلاثين) فهو يدل على أن العدد لا يصار إليه إلا بعد اعتبار الرؤية وفقدها، فمن جعله أصلا يرجع إليه من غير اعتبار بفقد الرؤية فقد خالف ظاهر الخبر (وأفطروا لرؤيته).
ويدل أيضا على أنه يجب الافطار إذا رأيناه وإن كنا قد صمنا تسعة وعشرين ولم يبلغ الثلاثين، لأنه لو كان ورد وأفطروا لرؤيته إذا بلغ ثلاثين، لما كان لقوله (فإن غم عليكم فعدوا ثلاثين) معنى، وإنما يصح الكلام إذا كان معناه:
وأفطروا لرؤيته على النقصان، فإن غم عليكم فعدوا ثلاثين للتمام.
(حول خبر صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته) قال صاحب الكتاب: على أن من أصحابنا من استدل بهذا الخبر بعينه على صحة العدد.
فقال: إنه لما أمرهم بالصوم والافطار لرؤية الهلال في تلك السنة، أبان لهم بجواز الاغماء عليه ودخول اللبس فيه، ما يستدل به على أن الرؤية ليست بأصل يطرد استعماله في سائر السنين.
وإنما خصهم بها في تلك السنة للعجز من ظهور الهلال يوم السرار لهم،