و (ضربت زيدا نفسه) وما شاكل ذلك من الألفاظ التي يدعي أنها على سبيل التأكيد، وبينا أن في ذلك أجمع فوائد زائدة على ما في المؤكد.
فإن قيل: ألا كان دخول الباء هاهنا كدخولها من 1 (تزوجت بامرأة) عدولا عن (تزوجت المرأة) و (ما زيد بقائم) و (ليس عمرو بخارج). وليس يمكن ادعاء فائدة زائدة في دخول الباء هاهنا من تبعيض ولا غيره.
وكما زادوا الباء تأكيدا، فقد زادوا حروفا أخر على سبيل التأكيد، فقالوا (إن في الدار لزيدا) وما دخول هذه اللام إلا كخروجها في إفادة معنى زائد، وما هي إلا للتأكيد. وغير ذلك مما (لا) يحصى من الأمثلة.
الجواب:
قلنا: أما لفظ (تزوجت) فلا يتعدى إلى المفعول إلا بالباء، وإنما حذفوها في قولهم (تزوجت امرأة) تخفيفا، كما حذفوها في قولهم (مررته) والأصل مررت به. ومثل (تزوجت) في أنه لا يتعدى بنفسه، ولا بد من الباء إلا إذا أردت التخفيف فحذفت.
فأما قولهم (ما زيد بقائم) و (ليس عمرو بخارج) فدخول الباء هاهنا يقتضي التيقن والتحقيق لما خبر به أو قوة الظن. وليس كذلك إذا أسقط الباء، فكأنه مع إسقاط الباء يخبر غير اعتقاده، أو غرض غير قوي، وإذا أدخلها أخبر عن علم أو قوة ظن.
وكأنني بمن يسمع هذا الكلام ينفر عنه ويستبعده يقول من قال هذا ومن سطره، ومن أشار من أهل اللغة الذين هم القدوة في هذا الباب إليه، وليس يجب إنكار شئ وإلا إثباته إلا بحجة.