فإنه مارق.
وأما قوله عليه السلام: (ولكنهم حليت الدنيا في أعينهم) وفي رواية أخرى:
حلت لهم دنياهم. فمعنى (حليت) تربقت وتزينت في أعينهم من الحلي، ويحكى: إحلولات فهو من حلاوة الطعم. ومعنى (راقتهم زبرجها) أي أعجبهم زخرفها، والزبرج كالزخرف، يبدو لهم ظاهر جميل معجب وباطن بخلاف ذلك، وأصله الغيم الرقيق الذي لا ماء فيه، فهو مغر بظاهره ولا خير فيه.
وقوله عليه السلام: (لولا حضور الحاضر، وقيام الحجة بوجود الناصر) إلى آخر الكلام، فمعناه أن الفرض تعين ويوجب مع وجود من انتصر به على رفع المنكر ومنع الباطل، واعتذار إلى من لا علم له من القعود في أول الأمر، والنهوض في حرب الجمل وما بعدها، لفقد النصار أولا وحضورهم ثانيا.
فأما (الكظة) فهي البطنة وشدة الامتلاء من الطعام. و (السغب) هو الجوع.
ومعنى (ألقيت حبلها على غاربها) أي تركتها وتخليت منها، لأن الرجل إذا ألقى زمام الناقة على غاربها فقد بدا له في إمساكها وزمها وخلى بينها وبين اختيارها، ولهذا صارت هذه اللفظة من كنايات الطلاق والفرقة. والغارب: أعلى العنق.
وقوله عليه السلام: (ولألفيتم دنياكم هذه أزهد عندي من عفطة عنز) والعرب تقول: عفطت الناقة تعفط عفطا وعفيطا وعفطانا فهي عافطة، وهو نثرها بأنفها كما ينثر الحمار. ويقال: عفطت ضرطت. وكلا من المعنيين تحتملهما اللفظة في هذا الموضع.
وأما قوله عليه السلام: (تلك شقشقة هدرت ثم قرت) استقرت، ف (الشقشقة) هي التي يخرجها البعير من فيه عند جرجرته وعصه أو فطمه، وإنما يريد عليه السلام أنها سورة التهبت وثارت ثم وقفت.
ولما اقتضى ابن عباس (رضي الله عنه) بقية الكلام وقد انقطع بما اعترضه