قلنا: الاحرام إذا كان فاعله مستقلا به متطوعا، فهو لطف في أمثاله من نوافل العقل. فأما باقي أفعال الحج فلا تكون إلا واجبة في نفوسها، ووجه وجوبها ألطاف في أمثالها من واجبات العقل. فليتأمل ذلك وليقس عليه نظائره.
المسألة السابعة [حول الخبر المتواتر] وإذا كنتم تقولون: إن من شرط الخبر المعلوم مخبره باكتساب أن يبلغ ناقلوه حدا يمتنع معه الكذب باتفاق ولا تواطئ وما يقوم مقامه، ولا يكون كذلك إلا ببلوغهم حدا من الكثرة، ويكون هؤلاء الكثرة متباعدي الديار مختلفي الآراء.
فإن كانوا ينقلون بواسطة وجب أن يكون حكمهم في الطريق الذي يعلم الناظر بلوغ الطبقة التي تليه هذا الحد، بلقاء كل ناقل بعينه أم بالخبر عنه، ولا واسطة بين الأمرين يليه من ناقلي النص وغيره من أهل زمانه في جميع البلاد، أو من يقوم بمثلهم الحجة وذلك كالمتعذر، وفيه إذا صح اتفاق استدلال مستدل منا على النص ومعجزات النبي صلى الله عليه وآله أن تبقي من ذكرناه.
وإن كان بالخبر عنهم فلا يخلو حصول ذلك من وجوه: إما بخبر كذا واحدا وواحدا عن جميعهم، أو خبر جماعة لا يصح معها الكذب عن جماعة مثلها، أو عن آحاد. والقسمان الأولان والرابع ليس بطريق للعلم، فلا اعتداد به.
والقسم الثالث يوجب اختصاص الاستدلال بالتواتر عن بقي من الناقلين عن غيرهم ممن له صفة التواتر، دون من لم يكن كذلك. وهذا لاحق بالقسم .