بالدخول فيه.
وإذا كنا لا نراعي في الشريعة القياس، ونثبت الأحكام بعلل قياسه، فلا حاجة بنا إلى هذه التفرقة. وما علينا أكثر من أن ندل على أن إفساد 1 الحج ما ذكرناه، وأنه يخالف حكم إفساد الصلاة أو الصوم إذا كان تطوعا، وإجماع الطائفة الذي هو حجة على ما بيناه في عدة مواضع، هو الفارق بين حكم الموضعين....
فإن قيل: إذا كانت الحجة تجب بالدخول فيها، فأي معنى لقول الفقهاء، أن في الحج نفلا كما أن فيه فرضا، وعلى هذا التقدير لا حج إلا وهو واجب، لأن النفل يجب بالدخول، فيلحق بالواجب.
قلنا: معنى قولنا إن في الحج نفلا، أن فيه ما لا يجب علينا أن ندخل فيه، ولا أن ننشئ الاحرام به، والحج الواجب هو الذي يجب الدخول فيه، ويستحق من لا يفعله الذم. وعلى هذا التقدير لا يجوز أن يكون الشئ من أفعال الحج سوى الاحرام فقط نفلا غير واجب، كالوقوف والطواف وما أشبه ذلك.
وعلى مذهب أبي حنيفة في وجوب الصلاة بالدخول فيها يجب أن لا يكون في أفعال الصلاة شئ نفلا سوى تكبيرة الافتتاح، وباقي الأفعال من ركوع وسجود وقراءة يجب أن يكون واجبا، لأنه يوجب النفل بالدخول فيه.
فإن قيل: إذا كان الصحيح من مذهبكم أن الشرعيات إنما تجب لأنها ألطاف في العقليات، ولا وجه لوجوبها إلا ذلك، فالواجب من هذه العبادات لطف في أمثاله من واجبات العقول والنفل منها لطف في أمثاله من نوافل العقل، فالحجة إذا وجبت بالدخول فيها فتجب أن تكون لطفا وأمثالها 2 من الواجبات، ولا يكون إلا كذلك، ففي أي موضع يكون الحج لطفا في مثله من النوافل.
.