الجواب:
إعلم أنه لا بد لكل مثبت أو ناف حكما عقليا أو شرعيا من دليل، غير أن الدليل في بعض المواضع على نفي أمر من الأمور قد يكون فقد دليل إثباته، إذا كان مما علم بأنه لو كان ثابتا، لكان لا بد من قيام دليل عليه مقطع 1 هاهنا على نفيه لفقد الدليل على إثباته، ولم ينفه 2 إلا بدليل، وهو الذي أشرنا إليه.
ولهذا ننفي نبوة كل من لم يظهر على يده معجزة، ونقطع على انتفاء نبوته دليل النبوة وهو المعجز، ولا نحتاج في كونه نبيا إلى دليل سوى ذلك.
ولو قيل لنا: ما الدليل على نبوة نبي بعينه لاحتجنا إلى دليل يخصها، ولا يتبع في ذلك بأنه لو لم يكن نبيا لكان على نفي نبوته دليل، وإذا فقدناه حكمنا بأنه نبي.
وكذلك نستدل كلنا على أنه لا صلاة زائدة على الخمس الواجبات، ولا صوم يجب يزيد على شهر رمضان، أو ما أشبه ذلك من الأحكام الشرعية.
بأن نقول: لو وجب شئ من ذلك لوجب قيام دليل شرعي عليه، وإذا فقدنا الدليل قطعنا على انتفاء الحكم، ولهذا لا نقطع على انتفاء كون زيد في الدار من حيث لا دليل على كونه فيها، لأن كونه فيها ليس من الباب الذي إذا وقع فلا بد من نصب دليل عليه.
ولهذه الطريقة أصل في الضروريات، لأنا ننفي كون جبل بحضرتنا من حيث لو كان حاضرا لرأيناه فعلمناه، فإذا لم نره دل ذلك على نفي حضوره.
وأما العكس في السؤال الذي مضى، فليس بصحيح، ولو كان صحيحا للزم