قلنا: [أما] 1 ما يرجع إلى القلب من الشكر، فهو يحصل في قلوبهم ضرورة، لأنه يرجع إلى الاعتقادات، وما يرجع إلى اللسان منه فلا كلفة فيه، وربما كان مثله في اللذة 2 لأن أحدنا يلتذ ويسر بالتحدث بنعم الله عليه، لا سيما إذا كان وصولها إليه بعد شدة ومدى طويل من الزمان.
وأما أفعال أهل الجنة فالصحيح أنها واقعة منهم على سبيل الاختيار وإن كانوا ملجأين إلى الامتناع من القبح، بخلاف ما قاله أبو الهذيل 3 فإنه كان يذهب إلى أن أفعالهم ضرورية.
والذي يدل على صحة ما اخترناه أنه لا بد أن يكونوا مع كمال عقولهم ومعرفتهم بالأمور ممن يخطر القبيح بقلبه ويتصوره وهم قادرون عليه لا محالة، ولا يجوز أن يخلي بينهم وبين فعله، فلا يخلون من أن يمنعوا من فعل بأمر وتكليف أو بإلجاء على ما اخترناه، أو بأن يضطروا إلى خلافه على ما قاله أبو الهذيل. [ولا يجوز أن يكونوا مكلفين لما تقدم ذكره، ولا مضطرين على ما قاله أبو الهذيل] 4 لأن المضطر مستنغص 5 اللذة غير خال من تنغيص وتكدير لكونه مضطرا، ولأن التصرف على اختياره فيما يتناول [ما يشتهيه] 6 وينقله من حال