المسألة الثانية [كيفية رجوع العامي إلى العالم] إذا كنتم تقولون إن العقلاء بأسرهم متساوون في كمال العقل، فما الوجه في فتياكم بأن العامي المسوغ له تقليد العلماء في الفروع، وعلم جل الأصول، هو الذي لا يتمكن من التدقيق في الأصول، ولا يقدر على التغلغل في غوامض المعارف، ولا يستطيع حمل 1 الشبهة، ولا سبيل له إلى معرفة الفروع، لافتقار العلم بها إلى أمور لا يستطيعها العامي بحال مع كونها 2 عاقلا مكلفا، وهل هذا إلا يقتضي اختلاف العقلاء في كمال العقل، من حيث اختلف تكليفهم، أو أنفع على أن العامي غير عاقل، فيكون غير مكلف لشئ.
الجواب:
إعلم أن العامي لا يجوز أن يسوغ له العمل بفتيا العلماء، إلا بعد أن يكون ممن قامت عليه الحجة بصحة الاستفتاء والعلم بجوازه.
ولن يكون كذلك إلا وهو ممن يصح أن يعلم الأحوال التي نشأ عليها صحة الاستفتاء إما على جملة أو تفصيل، لأنه إن لم يكن بذلك عالما كان مقدما من العمل بالفتيا على ما لا يأمن كونه قبيحا، وإنما يأمن أن يكون كذلك بأن يعلم الحجة في جواز الاستفتاء وصحته.
وقد علمنا أن الاستفتاء مشروع، ومن جملة ما علمناه بالسمع من جهة الرسول صلى الله عليه وآله، فلا بد من أن يكون هذا العامي الذي سوغنا له العمل بالفتيا .