غرض فيه، لأنه لا فائدة في أن يعلم ذلك كله ويختص نفس العلم به.
وما يجري الاطلاع على ذلك إذا لم تتعد المعرفة إلى العلم بالأحكام إلا مجرى العلم بعدد الحصى وكيل النوى، ومعرفة أطوال الجبال وأوزانها.
وكما أن العناء في تعرف ذلك عبث وسفه لا يجدي نفعا، فكذلك العلم بشكل الفلك وتسيرات كواكبها وأبعادها، والمعرفة بزمان قطع كل كوكب للفلك وتفاصيلها فيه.
وما شقي القوم بهذا الشأن وأفنوا أعمارهم إلا لتقديرهم أنه يفضي إلى معرفة الأحكام.
فلا تغتر بقول من يقول منهم: إننا تنظر في ذلك لشرف نفوسنا بعلم الهيئة، ولطيف ما فيها من الأعاجيب، فإن ذلك تجمل منهم وتقرب إلى أهل الإسلام.
ولولا أن غرضهم معرفة الأحكام، لما تعنوا بشئ من ذلك كله، ولا كانت فيه فائدة ولا منه عائدة.
ومن أدل الدليل على بطلان أحكام النجوم، أنا قد علمنا أن من جملة معجزات الأنبياء عليهم السلام الإخبار عن الغيوب، وعد ذلك خارقا للعادات، كإحياء الميت وإبراء الأكمه والأبرص. ولو كان العلم بما يحدث طريقا نجوميا، لم يكن ما ذكرناه معجزا ولا خارقا للعادة.
وكيف يشتبه على مسلم بطلان أحكام النجوم؟ وقد أجمع المسلمون قديما وحديثا على تكذيب المنجمين، والشهادة بفساد مذاهبهم وبطلان أحكامهم.
ومعلوم من دين الرسول صلى الله عليه وآله ضرورة التكذيب بما يدعيه المنجمون والازراء عليهم والتعجيز لهم.
وفي الروايات عنه عليه السلام من ذلك ما لا يحصى كثرة. وكذا عن علماء أهل بيته عليهم السلام وخيار أصحابه، فما زالوا يبرؤون من مذاهب المنجمين،