بيان هذه الجملة: إن العقل يقتضي بوجوب الرئاسة في كل زمان، وأن الرئيس لا بد من كونه معصوما مأمونا منه كل فعل قبيح.
وإذا ثبت هذان الأصلان لم يبق إلا إمامة من نشير إلى إمامته، لأن الصفة التي اقتضاها ودل على وجوبها لا توجد إلا فيه، وتساق الغيبة بهذا سوقا ضروريا لا يقرب منه شبهة، فيحتاج أن ندل على صحة الأصلين المذكورين.
فنقول:
أما الذي يدل على وجوب الإمامة في كل زمان، فهو أنا نعلم لا طريق للشك علينا أن وجود الرئيس المطاع المهيب المنبسط اليد أدعى إلى فعل الحسن وأردع عن فعل القبيح، وأن المظالم بين الناس: إما أن يرتفع عند وجود من وصفناه، أو يقل.
وأن الناس عند الاهمال وفقد الرؤساء يبالغون في القبيح، وتفسد أحوالهم ويختل نظامهم، والأمر في ذلك أظهر من يحتاج إلى دليل، والإشارة إليه كافية، فاستقصاؤه في مظانه.
وأما الذي يدل على وجوب عصمة الرئيس المذكور، فهو أن علة الحاجة إليه موجودة 1، وجب أن يحتاج إلى رئيس وإمام كما احتيج إليه. والكلام في الإمامة كالكلام فيه، وهذا يقتضي القول بأئمة لا نهاية لها، وهو محال، أو القول بوجود إمام فارقت عنه علة الحاجة.
وإذا ثبت ذلك لم يبق إلا القول بإمام معصوم لا يجوز عليه القبيح، وهو ما قصدناه، وشرح ذلك وبسطه مذكور في أماكنه.
وإذا ثبت هذان الأصلان، فلا بد من القول بأنه صاحب الزمان بعينه، ثم .