عن طبقات كثيرة إلى أن يتصل بالمنقول عنه، كيف السبيل إلى العلم بأن الطبقات كلها في الكثرة وامتناع الكذب عليها كالطبقة الأولى التي شاهدناها.
وقد كان أصحابنا يستدلون على ذلك بطريقة قد بينا في كتاب الشافي وغيره أنها غير مرضية وطعنا فيها، وهي أن يقولوا إذا أخبرنا من يلينا من الطبقات بأنهم نقلوا الخبر عمن هو على مثل صفتهم في الكثرة، علمنا أن الصفات متفقة.
وهذا ليس بصحيح، لأنه يجوز أن يخبرنا من يلينا بذلك إن لم يكونوا صادقين، لأن الكذب في مثل ذلك يجوز على الجماعات، لأنه قد يجوز أن يدعوهم إليه داع واحد من غير أن يتواطؤا، وإنما يقبل خبر الجماعة إذا كان عما لا يجوز أن يجتمعوا على الإخبار به إلا بالتواطئ، وقد علمنا فساده، أو لكونه صادقا.
ولهذا نقول: إن الجماعات الكثيرة لو نقلت أن النبي صلى الله عليه وآله تخلف أمير المؤمنين عليه السلام، أو نص عليه بالإمامة من غير تعيين على خبر بعينه وألفاظ لها صورة مخصوصة.
وقد بينا في الشافي برد وغيره أن الطريق إلى العلم باتفاق الطبقات في هذه الصفة أن الأمر لو لم يكن على ذلك، أو كان هذا الخبر مما حدث وانتشر بعد فقد، أو قوي بعد ضعف، وكثير رواية بعد قلة يوجب 1 أن يعلم المخالطون لرواية ذلك من حالهم ويخبرون ويتعين لهم زمان حدوثه بعينه، ويفرقوا بينه وبين ما تقدمه من الأزمنة، لأن العادات تقضي بوجوب العلم بما ذكرناه.
ألا ترى أن كل مذهب حدث بعد فقد يعلم ضرورة من حاله، ويفرق بين زمان حدوثه وبين ما تقدمه. فإذا فقدنا في أهل التواتر العلم بما ذكرناه، علمنا .