(يقضي بالحق) 1 فعلمنا أن ما كان بغير الحق غير ما قضي بالحق، فلو كان قتل الأنبياء من قضاء الله كان حقا، وكان يجب علينا الرضا به، لأنه يجب علينا الرضا بقضاء الله، وقد أمر الله تعالى أن لا يرضى بغير الحق ولا يرضى بقتل الأنبياء. فعلمنا أن قتلهم ليس بقضاء ربنا ولا من فعل خالقنا.
ومما يبين أن الله تعالى لم يقدر الكفر قوله تعالى في كتابه: (سبح اسم ربك الأعلى. الذي خلق فسوى. والذي قدر فهدى) 2 ولم يقل إنه قدر الضلال على خلقه، ولا قدر الشقاء على خلقه، لأنه لا يجوز أن يتمدح بأنه قدر الضلال 3 عن الحق، وكل ضلال عن الحق فمن تقديره، تعالى عن ذلك علوا كبيرا.
فصل [معنى خلق الأشياء كلها] 4 فإن قيل: فما معنى قول الله تعالى: (خالق كل شئ) 5 و (خلق كل شئ) 6؟ قيل له: إنما أراد به خلق السماوات والأرض والليل والنهار والجن والإنس وما أشبه ذلك (ولم يرد أنه خلق الكفر والظلم والكذب، إذ لم يجز أن يكون ظالما ولا كاذبا، عز وجل) 7 وقد بين الله لنا صنعه فقال: (صنع الله الذي أتقن .