(الاستدلال بالاجماع على الرؤية) واعلم أن هذه مسألة إذا تأملت علم أنها مسألة إجماع من جميع المسلمين والاجماع عليها هو الدليل المعتمد، لأن الخلاف فيها إنما ظهر من نفر من أصحاب الحديث المنتمين إلى أصحابنا، وقد تقدمهم الإجماع وسبقهم، ولا اعتبار بالخلاف الحادث، لأنه لو كان به اعتبار لما استقر إجماع، ولا قامت الحجة به.
وقد علمنا ضرورة أن أحدا من أهل العلم لم يخالف قديما في هذه المسألة ولا جرى بين أهل العلم فيها متقدما كلام، ولا نظر ولا جدال، حتى ظهر من بين أصحابنا فيها هذا الخلاف.
ثم لا اعتبار بهذا الخلاف، سالفا كان أم حادثا متأخرا، لأن الخلاف إنما يفيد إذا وقع ممن بمثله اعتبار في الإجماع من أهل العلم والفضل والدراية والتحصيل.
والذين خالفوا من أصحابنا في هذه المسألة عدد يسير ممن ليس قوله بحجة في الأصول ولا في الفروع، وليس ممن كلف النظر في هذه المسألة، ولا ما في أجلى 1 منها، لقصور فهمه ونقصان فطنه.
وما لأصحاب الحديث الذين لم يعرفوا الحق في الأصول، ولا اعتقدوها بحجة ولا نظر، بل هم مقلدون فيها والكلام في هذه المسائل، وليسوا بأهل نظر فيها ولا اجتهاد، ولا وصول إلى الحق بالحجة، وإنما تعديلهم 2 على التقليد والتسليم والتفويض .