أن من شأن الادراك أن يتعلق بأخص أوصاف المدرك، ومنها أن الجسم لو كان قديما لكان كونه كذلك من أخص أوصافه، وغير ذلك مما قد بيناه.
وإذا نظر في شئ، فيجب أن يكون شاكا في متناول الادراك وسائر مقدمات الدليل وعلى 1 بالدليل الأول حدوث الأجسام لا يمنع من شكه في مقدمات الدليل الثاني. وإنما يمنع على الوجه الصحيح أن يكون ناظرا في شئ وهو عالما 2 به، أن النظر لا يتعلق من المنظور فيه بوجه معين، بل يتعلق بهل الصفة ثابتة أم منتفية، فكأنه يمثل من الأمرين. ويجب عن إدراكهما الثابت، فلا بد من الشك مع ذلك، لأن العلم والقطع ينافيان وجه تعلق النظر.
فهذا هو المانع من نظر الناظر فيما يعلمه، لا ما يذكر في الكتب من النظر في المشاهدات.
لأن لقائل أن يقول: إنما لا يصح أن ينظر في المشاهدات، لأنه دليل يفضي إلى العلم بها، ولولا أن النظر في الدليل الثاني يحصل عنده علم بالمدلول عليه، لوجب أن يكون من علم حدوث الأجسام بدليل إثبات الاعراض، ثم نظر في الطريقة الأخرى المبنية على كيفية يتناول الادراك متى عرض له شك في إثبات الاعراض، أن يخرج من أن يكون عالما بحدوث الأجسام، لأن شكه في حدوث الأجسام يؤثر في علمه بحدوثها من هذا الطريق بدلالة أنه لو انفرد كونه ناظرا بهذا الدليل دون غيره حتى يشك في إثبات الأكوان أو حدوثها أو أن الجسم لا يخلو منها يخرج من أن يكون عالما بحدوث الأجسام.
وقد علمنا أنه إذا كان قد نظر في الطريقة الثانية، ثم شك في إثبات الأكوان، لا يخرج من أن يكون عالما بحدوث الأجسام، فلولا أن الطريقة الثانية قد