عن معرفته قد انحسر، وذكرت أن الذي حداك إلى ذلك ما وجدته ظاهرا في عوام النيل 1 ومعظم خواصها من القول المؤدي إلى الكفر المحض بسبب الجبر وتجويرهم الله في حكمه، وحملهم معاصيهم عليه 2، وإضافتهم القبائح إليه، وتعلقهم بأخبار مجهولة منكرة أو متشابهة في اللفظ مجملة، وحجاجهم بما تشابه من الكتاب لعدم معرفتهم بفائدته، وقصور أفهامهم عن [الغرض] 3 المقصود به.
واعلم أن الكلام في القضاء والقدر قد أعيى أكثرها أهل النظر، وأتعب ذوي الفكر، والمتكلم فيه بغير علم على غاية [من] 4 الخطر. والذي يجب على من أراد معرفة هذا 5 الباب - وهو 6 العلم بما يستحق الباري سبحانه من الأوصاف الحميدة وما ينفى عنه من ضدها - فإنه متى علم ذلك أمن من أن يضيف إليه ما ليس من أوصافه أو ينفي عنه ما هو منها ويتبع ذلك من الأبواب ما لا بد من الوقوف عليه: نحو المعرفة بأقوال المبطلين، ومعرفة أقوال المحقين، وغير ذلك مما سنبينه فيما بعد إن شاء الله تعالى.
[حدوث البحث في أفعال العباد] 7 واعلم أن أول حالة ظهر فيها الكلام وشاع بين الناس في هذه الشريعة،