وإنما قلنا بوجوب حصول هذه 1 المعارف لأن المثاب متى لم يعرف أن الثواب واصل إليه على سبيل الجزاء عما فعله 2 من الطاعات لم يعلم أنه قد وفي حقه وفي له 3 بما عرض له من التكليف الشاق، ولأن كون الثواب 4 ثوابا مفتقر إلى العلم بقصد فاعله إلى التعظيم به، والعلم بالقصد يقتضي العلم بالقاصد، والعلم بدوام الثواب أيضا زائد في لذة المثاب وناف للتكدير والتنغيص 5 بجواز انقطاعه، ومعلوم أنه لا يتم العلم بدوامه إلا بعد المعرفة بالله تعالى.
والقول في المعاقب يقرب 6 من القول [في] 7 المثاب، لأنه يجب أن يعرف أن الآلام الواصلة إليه على سبيل العقاب، فيعلم أنها مستحقة وواقعة على وجه الحسن، ويعلم قصد القاصد إلى الاستحقاق بها كما قلناه في باب الثواب والقصد إلى التعظيم به، ويعلم أيضا دوامه، فيكون ذلك زائدا في إيلامه والاضرار به 8 وهذا كله لا يتم إلا بعد المعرفة بالله تعالى وأحواله فيجب حصولها.
فإن قيل: فمن أين [علمتم] 9 أن أهل الموقف يجب أن يكونوا عارفين بالله تعالى وليس يتم فيهم ما ذكرتموه في أهل الثواب والعقاب في وجوب المعرفة بالله تعالى.
قلنا: [أهل الموقف يجرون مجرى أهل الثواب والعقاب] 10 في وجوب