فهذا الهدى وما أشبه لا يفعله الله إلا بالمؤمنين القائلين بالحق 1، فأما قرين الدليل فقد هدى الله الخلق أجمعين. وكلما سئلت عن آية من الهدى من الله تعالى فردها إلى هذين الأصلين، فإنه لا يخلو من أن يكون على ما ذكرناه، ولولا كراهة التطويل لسألنا أنفسنا عن آية آية مما يحتاج إلى البيان، وفي هذه الجملة دليل على ما نسأل عنه.
فصل [حقيقة الاضلال منه سبحانه] 2 فإن قيل: أفتقولون أن الله تعالى أضل الكافرين؟ قيل له: نقول إن الله أضلهم - بأن عاقبهم وأهلكهم عقوبة لهم على كفرهم - ولم يضلهم عن الحق ولا أضلهم بأن أفسدهم، جل وعز عن ذلك.
فإن قالوا: لم زعمتم أن الضلال قد يكون عقابا؟ قيل لهم: قد قال الله تعالى: (إن المجرمين في ضلال وسعر) 3 يعني في هلاك، وسعر يعني سعر النار فيهم، إذ ليس في ضلال هو كفر أو فسق، لأن التكليف زائل في الآخرة، وقد بين الله تعالى من يضل فقال: (ويضل الله الظالمين) 4 وقال: (يضل الله الكافرين) 5 وقال: (وما يضل به إلا الفاسقين) 6 وقال: (كذلك يضل الله من .