ونرى كثيرا من الفقهاء يجمعون ويربون للمتعلمين ولنفوسهم على سبيل التذكرة رؤوس مسائل الخلاف مجردة من المسائل والعلل، ويتدارسون ذلك ويتلقونه، ونحن نعلم أن اعتقاد ذلك بغير حجة، وليس إذا لم يجز ذلك لم يكن في جمع ذلك وتسطيره فائدة، بل الفائدة ما أشرنا إليه.
فأما ما مضى في أثناء الكلام من أن قوما من طائفتنا يرجعون إلى العمل بهذه الكتب مجردة عن حجة، ولا ينكر بعضهم على بعض فعله.
فقد بينا في جواب مسائل التبانيات الجواب عن هذا الفصل، وبسطناه وشرحناه وانتهينا فيه إلى الغاية القصوى وقلنا:
إنا ما نجد محصلا من أصحابنا يرجع إلى العمل بما في هذه الكتب من غير حجة تعضده ودلالة تسنده بقصده ودلالته. ومن فعل ذلك منهم فهو عامي مقلد في الأصول، وكما يرجع في الأحكام إلى هذه الكتب، فهو أيضا يرجع في التوحيد والعدل والنبوة والإمامة إلى هذه الكتب، وقد علمنا أن الرجوع في الأصول إلى هذه الكتب خطأ وجهل، فكذلك الرجوع إليها في الفروع بلا حجة.
وما زال علماء الطائفة ومتكلموهم ينكرون على عوامهم العمل بما يجدونه في الكتب من غير حجة مشافهة ومما 1 يصيفونه في كتبهم، وردهم على أصحاب التقليد، فكيف يقال: إن النكير غير واقع، وهو أظهر من الشمس الطالعة.
اللهم إلا أن يراد أن النكير من بعض أهل التقليد على بعض ارتفع، فذلك غير نافع، لأن المنكر لا ينكر ما يستعمل قبله، وإنما ينكر من الأفعال ما هو له بجانب ولا اعتبار بعوام الطائفة وطغامهم، وإنما الاعتبار بالعلماء المحصلين .