الله تعالى أن الهدى بمعنى الدليل قد هداهم به، فقال (إن يتبعون إلا الظن وما تهوي الأنفس ولقد جاءهم من ربهم الهدى) 1 يعني الدلالة والبيان.
فإن قيل: فما معنى قوله (ليس عليك هداهم ولكن الله يهدي من يشاء)؟ 2 قيل له: إنما أراد به ليس عليك نجاتهم، ما عليك إلا البلاغ ولكن الله ينجي من يشاء.
فإن قيل: فلم قلتم هذا؟ قيل له 3: لما أخبر الله تعالى أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قد هدى الكافر فقال: (إنك لتهدي إلى صراط مستقيم) 4 وإنما يريد إنك تدل، فلما كان قد دل المؤمن والكافر كان قد هدى الكافر والمؤمن، فعلمنا أنه أراد بهذه الآية هدى الثواب والنجاة، فقس على ما ذكرناه جميع ما يسأل عنه من أمثال هذه الآية.
(باب) [الكلام في الإرادة وحقيقتها] فإن سأل سائل فقال: أتقولون إن الله تعالى أراد الإيمان من جميع الخلق المأمورين والمنهيين أو أراد ذلك من بعضهم دون بعض؟ قيل له: بل أراد ذلك من جميع الخلق إرادة بلوى واختبار، ولم يرد إرادة إجبار واضطرار، وقد قال الله تعالى: (كونوا قوامين بالقسط) 5 وقال: (كونوا قردة خاسئين) 6 فأراد .