لا بد من فقد تصرفه وظهوره من القول بغيبته، لأنه إذا بطلت إمامة من أثبتت له الإمامة بالاختيار، لفقد الصفة التي دل العقل عليها.
وبطل قول من خالف من شذاذ الشيعة من أصحابنا بما صاحبنا، كالكيسانية والناووسية والواقفية، لانقراضهم وشذوذهم، ولعود الضرورة إلى فساد قولهم فلا مندوحة عن مذهبنا، فلا بد من صحته، وإلا خرج الحق عن الإمامة.
وإذا علمنا بالسياقة التي ساق الأصلان إليها أن الإمام هو ابن الحسن عليه السلام دون غيره، ورأيناه غائبا عن الأبصار، علمنا أنه لم يغب مع عصمته وتعين فرض الإمامة فيه وعليه، إلا بسبب اقتضى ذلك، ومصلحة استدعته، وحال أوجبته.
ولم يعلم وجه ذلك مفصلا، لأن ذلك مما لا يلزم علمه، وإن تكلفنا وتبرعنا بذكره كان تفضلا، كما إذا تبرعنا بذكر وجوه المتشابه من الآي بعد العلم بحكمة الله تعالى سبحانه، كان ذلك تفضلا.
فنقول:
السبب في الغيبة هو إخافة الظالمين له، ومنعهم يده من التصرف فيه فيما جعل إليه التصرف فيه، لأن الإمام إنما ينتفع به النفع الكلي إذا كان متمكنا مطاعا، مخلى بينه وبين أغراضه، ليقود الجنود، ويحارب البغاة، ويقيم الحدود، ويسد الثغور، وينصف المظلوم، وكل ذلك لا يتم إلا مع التمكن.
فإذا حيل بينه وبين أغراضه من ذلك سقط عنه فرض القيام بالإمامة.
وإذا خاف على نفسه، وجبت غيبته، والتحرز من المضار واجب عقلا وسمعا، وقد استتر النبي صلى الله عليه وآله في الشعب، وأخرى في الغار، ولا وجه لذلك إلا الخوف والتحرز من المضار.