نسبه الطبراني عن حفص بن عمر عن أبي معمر وكذا صرح به مسلم في روايته من وجه آخر عنه ويحيى هو ابن أبي كثير وفي الاسناد ثلاثة من التابعين في نسق هو وأبو سلمة وبسر وهو بضم الموحدة وسكون المهملة وقد سمع أبو سلمة من زيد بن خالد وحدث عنه هنا بواسطة وحدث عنه بلا واسطة في غير هذا عند أبي داود والترمذي وصححه وغيرهما (قوله فقد غزا) قال بن حبان معناه انه مثله في الاجر وان لم يغز حقيقة ثم أخرجه من وجه آخر عن بسر بن سعيد بلفظ كتب له مثل أجره غير أنه لا ينقص من أجره شئ ولابن ماجة وابن حبان من حديث عمر نحوه بلفظ من جهز غازيا حتى يستقل كان له مثل أجره حتى يموت أو يرجع وأفادت فائدتين إحداهما ان الوعد المذكور مرتب على تمام التجهيز وهو المراد بقوله حتى يستقل ثانيهما انه يستوي معه في الاجر إلى أن تنقضي تلك الغزوة وأما ما أخرجه مسلم من حديث أبي سعيد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث بعثا وقال ليخرج من كل رجلين رجل والاجر بينهما وفي رواية له ثم قال للقاعد وأيكم خلف الخارج في أهله وماله بخير كان له مثل نصف أجر الخارج ففيه إشارة إلى أن الغازي إذا جهز نفسه أو قام بكفاية من يخلفه بعده كان له الاجر مرتين وقال القرطبي لفظة نصف يشبه أن تكون مقحمة أي مزيدة من بعض الرواة وقد احتج بها من ذهب إلى أن المراد بالأحاديث التي وردت بمثل ثواب الفعل حصول أصل الاجر له بغير تضعيف وان التضعيف يختص بمن باشر العمل قال القرطبي ولا حجة له في هذا الحديث لوجهين أحدهما انه لا يتناول محل النزاع لان المطلوب انما هو ان الدال على الخير مثلا هل له مثل أجر فاعله مع التضعيف أو بغير تضعيف وحديث الباب انما يقتضي المشاركة والمشاطرة فافترقا ثانيهما ما تقدم من احتمال كون لفظة نصف زائدة (قلت) ولا حاجة لدعوى زيادتها بعد ثبوتها في الصحيح والذي يظهر في توجيهها انها أطلقت بالنسبة إلى مجموع الثواب الحاصل للغازي والخالف له بخير فان الثواب إذا انقسم بينهما نصفين كان لكل منهما مثل ما للآخر فلا تعارض بين الحديثين واما من وعد بمثل ثواب العمل وان لم يعمله إذا كانت له فيه دلالة أو مشاركة أو نية صالحة فليس على اطلاقه في عدم التضعيف لكل أحد وصرف الخبر عن ظاهره يحتاج إلى مستند وكأن مستند القائل ان العامل يباشر المشقة بنفسه بخلاف الدال ونحوه لكن من يجهز الغازي بماله مثلا وكذا من يخلفه فيمن يترك بعده يباشر شيئا من المشقة أيضا فان الغازي لا يتأتى منه الغزو الا بعد ان يكفي ذلك العمل فصار كأنه يباشر معه الغزو بخلاف من اقتصر على النية مثلا والله أعلم وستكون لنا عودة إلى البحث في هذا في الكلام على قوله قل هو الله أحد تعدل ثلث القرآن في شرح فضائل القرآن إن شاء الله تعالى (قوله عن إسحاق بن عبد الله) أي ابن أبي طلحة وفي رواية عمرو بن عاصم عن همام أخبرنا إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة أخرجه ابن سعد عنه وعند الإسماعيلي من طريق حبان بن هلال عن همام حدثنا إسحاق (قوله لم يكن يدخل بالمدينة بيتا غير بيت أم سليم) قال الحميدي لعله أراد على الدوام والا فقد تقدم انه كان يدخل على أم حرام وقال ابن التين يريد انه كان يكثر الدخول على أم سليم والا فقد دخل على أختها أم حرام ولعلها أي أم سليم كانت شقيقة المقتول أو وجدت عليه أكثر من أم حرام (قلت) لا حاجة إلى هذا التأويل فان بيت أم حرام وأم سليم واحد ولا مانع أن تكون الأختان في بيت واحد كبير لكل منهما فيه معزل فنسب تارة إلى هذه وتارة إلى هذه
(٣٧)