بغير اسناد أنه قال للمرأة أين أصبتك قالت تحت شجرة فأتى تلك الشجرة فقال يا شجرة أسالك بالذي خلقك من زنى بهذه المرأة فقال كل غصن منها راعي الغنم ويجمع بين هذا الاختلاف بوقوع جميع ما ذكر بأنه مسح رأس الصبي ووضع إصبعه على بطن أمه وطعنه بإصبعه وضربه بطرف العصا التي كانت معه وأبعد من جمع بينها بتعدد القصة وأنه استنطقه وهو في بطنها مرة قبل أن تلد ثم استنطقه بعد ان ولد زاد في رواية وهب بن جرير فوثبوا إلى جريج فجعلوا يقبلونه وزاد الأعرج في روايته فأبرأ الله جريجا وأعظم الناس أمر جريج وفي رواية أبي سلمة فسبح الناس وعجبوا (قوله قالوا نبني صومعتك من ذهب قال لا الا من طين وفي رواية وهب بن جرير ابنوها من طين كما كانت وفي رواية أبي رافع فقالوا نبني ما هدمنا من ديرك بالذهب والفضة قال لا ولكن أعيدوه كما كان ففعلوا وفي نقل أبي الليث فقال له الملك نبنيها من ذهب قال لا قال من فضة قال لا الا من طين زاد في رواية أبي سلمة فردوها فرجع في صومعته فقالوا له بالله مم ضحكت فقال ما ضحكت الا من دعوة دعتها على أمي وفي الحديث ايثار إجابة الام على صلاة التطوع لان الاستمرار فيها نافلة وإجابة الام وبرها واجب قال النووي وغيره انما دعت عليه فأجيبت لأنه كان يمكنه أن يخفف ويجيبها لكن لعله خشي أن تدعوه إلى مفارقة صومعته والعود إلى الدنيا وتعلقاتها كذا قال النووي وفيه نظر لما تقدم من أنها كانت تأتيه فيكلمها والظاهر أنها كانت تشتاق إليه فتزوره وتقتنع برؤيته وتكليمه وكأنه انما لم يخفف ثم يجيبها لأنه خشي أن ينقطع خشوعه وقد تقدم في أواخر الصلاة من حديث يزيد بن حوشب عن أبيه ان النبي صلى الله عليه وسلم قال لو كان جريج فقيها لعلم ان إجابة أمه أولى من عبادة ربه أخرجه الحسن بن سفيان وهذا إذا حمل على اطلاقه استفيد منه جواز قطع الصلاة مطلقا لإجابة نداء الام نفلا كانت أو فرضا وهو وجه في مذهب الشافعي حكاه الروياني وقال النووي تبعا لغيره هذا محمول على أنه كان مباحا في شرعهم وفيه نظر قدمته في أواخر الصلاة والأصح عند الشافعية ان الصلاة إن كانت نفلا وعلم تأذى الوالد بالترك وجبت الإجابة والا فلا وإن كانت فرضا وضاق الوقت لم تجب الإجابة وان لم يضق وجب عند امام الحرمين وخالفه غيره لأنها تلزم بالشروع وعند المالكية أن إجابة الوالد في النافلة أفضل من التمادي فيها وحكى القاضي أبو الوليد أن ذلك يختص بالام دون الأب وعند ابن أبي شيبة من مرسل محمد بن المنكدر ما يشهد له وقال به مكحول وقيل إنه لم يقل به من السلف غيره وفي الحديث أيضا عظم بر الوالدين وإجابة دعائهما ولو كان الولد معذورا لكن يختلف الحال في ذلك بحسب المقاصد وفيه الرفق بالتابع إذا جرى منه ما يقتضي التأديب لان أم جريج مع غضبها منه لم تدع عليه الا بما دعت به خاصة ولولا طلبها الرفق به لدعت عليه بوقوع الفاحشة أو القتل وفيه ان صاحب الصدق مع الله لا تضره الفتن وفيه قوة يقين جريج المذكور وصحة رجائه لأنه استنطق المولود مع كون العادة أنه لا ينطق ولولا صحة رجائه بنطقه ما استنطقه وفيه أن الامرين إذا تعارضا بدئ بأهمهما وان الله يجعل لأوليائه عند ابتلائهم مخارج وانما يتأخر ذلك عن بعضهم في بعض الأوقات تهذيبا وزيادة لهم في الثواب وفيه اثبات كرامات الأولياء ووقوع الكرامة لهم باختيارهم وطلبهم وقال ابن بطال يحتمل أن يكون جريج كان نبيا فتكون معجزة كذا قال وهذا الاحتمال لا يتأتى في حق المرأة التي كلمها ولدها المرضع كما في بقية الحديث وفيه
(٣٤٧)