الدارقطني في غرائب من طريقه (قوله نحن أحق بالشك من إبراهيم) سقط لفظ الشك من بعض الروايات واختلف السلف في المراد بالشك هنا فحمله بعضهم على ظاهره وقال كان ذلك قبل النبوة وحمله أيضا الطبري على ظاهره وجعل سببه حصول وسوسة الشيطان لكنها لم تستقر ولا زلزلت الايمان الثابت واستند في ذلك إلى ما أخرجه هو وعبد بن حميد وابن أبي حاتم والحاكم من طريق عبد العزيز الماجشون عن محمد بن المنكدر عن ابن عباس قال أرجى آية في القرآن هذه الآية وإذ قال إبراهيم رب أرني كيف تحيي الموتى الآية قال ابن عباس هذا لما يعرض في الصدور ويوسوس به الشيطان فرضي الله من إبراهيم عليه السلام بان قال بلى ومن طريق معمر عن قتادة عن ابن عباس نحوه ومن طريق علي بن زيد عن سعيد بن المسيب عن ابن عباس نحوه وهذه طرق يشد بعضها بعضا والى ذلك جنح عطاء فروى ابن أبي حاتم من طريق ابن جريج سألت عطاء عن هذه الآية قال دخل قلب إبراهيم بعض ما يدخل قلوب الناس فقال ذلك وروى الطبري من طريق سعيد عن قتادة قال ذكر لنا أن إبراهيم أتى على دابة توزعتها الدواب والسباع ومن طريق حجاج عن ابن جريج قال بلغني أن إبراهيم أتى على جيفة حمار عليه السباع والطير فعجب وقال رب لقد علمت لتجمعنها ولكن رب أرني كيف تحيي الموتى وذهب آخرون إلى تأويل ذلك فروى الطبري وابن أبي حاتم من طريق السدي قال لما اتخذ الله إبراهيم خليلا استأذنه ملك الموت أن يبشره فأذن له فذكر قصة معه في كيفية قبض روح الكافر والمؤمن قال فقام إبراهيم يدعو ربه رب أرني كيف تحيي الموتى حتى أعلم أني خليلك وروى ابن أبي حاتم من طريق أبي العوام عن أبي سعيد قال ليطمئن قلبي بالخلة ومن طريق قيس بن مسلم عن سعيد بن جبير قال ليطمئن قلبي اني خليلك ومن طريق الضحاك عن ابن عباس لأعلم أنك أجبت دعائي ومن طريق علي بن أبي طلحة عنه لأعلم أنك تجيبني إذا دعوتك والى هذا الأخير جنح القاضي أبو بكر الباقلاني وحكى ابن التين عن الداودي الشارح أنه قال طلب إبراهيم ذلك لتذهب عنه شدة الخوف قال ابن التين وليس ذلك بالبين وقيل كان سبب ذلك أن نمرود لما قال له ما ربك قال ربي الذي يحيى ويميت فذكر ما قص الله مما جرى بينهما فسال إبراهيم بعد ذلك ربه أن يريه كيفية احياء الموتى من غير شك منه في القدرة ولكن أحب ذلك واشتاق إليه فأراد أن يطمئن قلبه بحصول ما أراده أخرجه الطبري عن ابن إسحاق وأخرج ابن أبي حاتم من طريق الحكم بن أبان عن عكرمة قال المراد ليطمئن قلبي انهم يعلمون انك تحيي الموتى وقيل معناه أقدرني على أحياء الموتى فتأدب في السؤال وقال ابن الحصار انما سأل أن يحيى الله الموتى على يديه فلهذا قيل له في الجواب فصرهن إليك وحكى ابن التين عن بعض من لا تحصيل عنه أنه أراد بقوله قلبي رجلا صالحا كان يصحبه سأله عن ذلك وأبعد منه ما حكاه القرطبي المفسر عن بعض الصوفية انه سأل من ربه أن يريه كيف يحيى القلوب وقيل أراد طمأنينة النفس بكثرة الأدلة وقيل محبة المراجعة في السؤال ثم اختلفوا في معنى قوله صلى الله عليه وسلم نحن أحق بالشك فقال بعضهم معناه نحن أشد اشتياقا إلى رؤية ذلك من إبراهيم وقيل معناه إذا لم نشك نحن فإبراهيم أولى أن لا يشك أي لو كان الشك متطرقا إلى الأنبياء لكنت أنا أحق به منهم وقد علمتم أني لم أشك فاعلموا أنه لم يشك وانما قال ذلك تواضعا منه أو من قبل أن يعلمه الله بأنه أفضل من إبراهيم وهو كقوله
(٢٩٤)